في أغسطس الماضي، أعلن مهرجان بيت الشعر، في دورته الثانية، تكريمَه للشاعرة السعودية، السيدة الكبيرة لقصيدة النثر؛ فوزية أبوخالد، في 22 ديسمبر المقبل.

المهرجان سيطبع مختارات من شعرها، وسينتج فيلما عن حياتها، مع كتاب يتضمن شهادات نقاد وأدباء من كل صوب، ويالها من خطوة محترمة، وتكريم مستحق. فالشاعرة الجليلة، ومنذ كانت في مرحلتها الثانوية، منتصف السبعينات، وهي تعمل وتكتب في الصحافة، وتحفر في الأدب، كواحدة من السابقات الرائدات في زمنها، وعلامة تحدٍ وتعب كبيرين لمن بعدها، ويعرف الجميع كم كانت العقبات والمصاعب والصراعات بوجه المرأة في ذاك الزمن، وما زالت.

تنقلت مقالاتها على امتداد تجربتها، في المجتمع والثقافة والسياسة، في غير صحيفة محلية وعربية، تخرجت في الجامعة الأميركية في بيروت، ونالت الماجستير عن أطروحتها "البعد الاجتماعي لعمل المرأة الزراعي في منطقة عسير وتهامة بجنوب المملكة العربية السعودية"، والدكتوراه في "المرأة والخطاب السياسي" من جامعة سالفورد، مانشستر ببريطانيا، لتعود إلى العمل في جامعة الملك سعود.

أصدرت العديد من الكتب، أولها "إلى متى يخطفونك ليلة العرس" 1975 وآخرها أعمالها الكاملة، في مجلد ضخم، مضمنة إصدارا جديدا، وهو "ملمس الرائحة" في عام 2015، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وخلال هذا المشوار الشاق قدمت عشرات البحوث العلمية، وكتبت للأطفال عملين: "طيارات الورق" و"طفلة تحب الأسئلة".

في مجموعتها الرقيقة "شجن الرماد"، الصادرة 2006، راحت تلتقط مشاعر الأشياء، بحسب شهقتها الأولى، تقول مثلا: "كنت ساخطة على مصير لم أختره، ولم أشارك في تحديد مساره، ولو بالمشورة. كان يمكن أن أكون زهرة على حافة نهر عذب، كان يمكن أن أكون غيمة تمر على الكون بكبرياء. من لا يعنيه أمر الرعية. كان يمكن أن أكون دفترا يحفظ أسرار قلوب المراهقات، كان يمكن أن أكون مديةً أو مرود كحل، كان يمكن أن أكون أي شيء، إلا أن أكون جبيرة، يبدو عليها الجبروت. غير أنني لم أعلم بروعة ورعب أن نستسلم للأقدار".

هذه المرأة بجبيرتها فعلت الشيء الصعب دوما، فبينما كان الجو العام يمجد الجماعة والذكور، ويستبعد المرأة، آمنت هي بفرديتها وفرادتها واستقلالها، وجلست أعلى المكان، بينما كان الشعر مباهاة في منصات الرجال، فإنها لم تختبئ، بل ملأت حياتنا بالكلمات، وبينما ذهب كثيرون، في القصيدة، خلف القيود، مضت هي في قصيدة النثر، ودفعت بها للأمام. فوزية أبوخالد بالفعل، وعلى رأي درويش "كالورد في ساحة المعركة".