ربما لا يعلم البعض وجود جائزة عالمية شهيرة موازية لجائزة نوبل الشهيرة، تسمى "جائزة نوبل للحماقة"، وتمنح هذه الجائزة للأبحاث الفارغة، عديمة الجدوى والفائدة، مثل اعتماد صوت الدجاج كمقياس لسرعة الإعصار، وتأثير القشطة الحامضة على شهية الديدان الطفيلية!
يقام لهذه الجائزة حفل كبير في جامعة هارفارد، توزع من خلاله الجوائز على الأبحاث الفائزة!
قبل أيام، حصل عليها رجل بريطاني عاش مع الماعز ثلاثة أيام، بعدما صمم أطرافا صناعية تمكّنه من السير بطريقة مقاربة لها، ليرى كيف تعيش وكيف يراها وتراه!
لم يخرج أحد ويطالب بسجن أصحاب هذه الابتكارات الفارغة التي أشغلت الناس، أو أساءت إلى البحوث العلمية التي تنفع البشرية، بل على العكس تم التعامل معها على أنها مادة مسلية، لك الحق في متابعتها، ومعك الحق في تجاهلها!
لكن مراهقا بسيطا، تبدو عليه ملامح الفقر، ذاعت شهرته، يطلق عليه "أبو سن"، وذاع صيته في هامش محدد ومحدود، من خلال أحد تطبيقات التواصل، خرج الكثيرون للمطالبة بسجنه ومعاقبته ومحاكمته، وربما لولا شيء من خجلٍ لطالَب البعض بقطع يده ولسانه! من وجهة نظري، لا فرق مطلقا بين "أبو سن" وبين بعض مشاهير التطبيقات الأخرى!
فإن كنا نطالب بسجن صبي جاهل، ونرى ما يستوجب ذلك، ونشرّع له، فالأوجب هو المطالبة بسجن أولئك الراشدين أيضا، لأن هناك من يراهم -وفقا للقياس ذاته- يقومون بنشر ثقافة الاستعراض الممقوت، و"الهياط" الاجتماعي القبيح، والتبذير المحرّم، ونشر سلوكيات مشينة، وقهر الآخرين وإغاظتهم! الواقع يقول، إن الناس هم الذين يركضون خلف مقاطع "أبو سن" وغيره، وهم الذين اقتحموا عالمه الخاص. ستر نفسه؛ وفضحه هواة الفضائح، على الرغم من كون -ما شاهدته- لا يتضمن كفرا بواحا، أو يُشرّع للرذيلة أو يُروّج لها، أو يعتدي على أحد، أو ينتهك خصوصيته، وكما يقول الكاتب عبدالرحمن الراشد "طالما أنه ما اعتدى على أحد دعوه في حاله"!
الخلاصة: لو أردنا متابعة سقطات الصبية والمراهقين وهفواتهم وحماقاتهم في تطبيقات التواصل، وقمنا بسجنهم واحدا تلو الآخر، لامتلأت السجون بهم. الحل حتما ليس في السجن.