بلدياتي -كما يقول أهل مصر- عارف المشوّح، يكتب بالأمس أنني لم أضع النقط على الحروف بعد، في حديثي عن مشكلة المعلم السعودي؛ فالأمر من وجهة نظره أعمق من ذلك بكثير!
وهكذا هم بعض الأكاديميين -مع كل الاحترام لهم- يتركون المشكلة الواضحة وحلولها الأشد وضوحا؛ ويبدؤون في الدوران حولها؛ فيميلون لعقد المؤتمرات والندوات، ويقدمون لك الدراسات والأبحاث، وفي نهاية المطاف "كل واحد ياخذ أتعابه" ومع السلامة موعدنا العام القادم!
اختصرت كل الحكاية صباح أمس بقولي: إن سبب انخفاض أداء المعلم السعودي يكمن في معضلة "لا ثواب.. لا عقاب" -أنا هنا أفترض وجود المعلم في بيئة تعليمية مكتملة الأركان- وبالمختصر: ضرورة تفعيل مبدأ الثواب في الترقيات والحوافز والدورات للمعلمين، وتفعيل العقاب في حرمان المقصرين منهم من العلاوة والترقية.
لكن هذه الحلول المباشرة لا تتماشى مع اعتقاد البعض بأن الحلول لا بد أن تأتي ضمن مجلدات ضخمة.
الأمر ليس في حاجة إلى نقط ولا حروف، وليس في حاجة إلى البحث والتقصي؛ هذا السلوك تسميه العرب "توضيح الواضحات"!
ذهبت وفود الوزارة إلى كل مكان تبحث عن الحلول، شرقا وغربا. ذهبوا إلى اليابان في رحلتهم الشهيرة. ذهبوا إلى دول الخليج. إلى سنغافورة. إلى أنحاء أوروبا. صُرفت الملايين. عُقدت الورش والندوات والمؤتمرات. والملتقيات الكبرى -كنت أحد المشاركين فيها قبل عشر سنوات- تم إنشاء اللجان والهيئات والمراكز، أُلّفت الكتب ومن المفارقات أن وزير التعليم الحالي أحد الذين ألّفوا الكتب التي تعرض الحلول، وكُتبت المقالات، وبُثت آلاف الساعات التلفزيونية والإذاعية، ومع ذلك ما يزال هناك من يعتقد أننا لم نضع النقط على الحروف!، وأننا بحاجة إلى التعمق أكثر وأكثر، ولا أعلم ما العمق الذي يريدون الوصول إليه!
ملخص الموضوع: ليس هناك مبرر لإعادة اختراع العجلة، ومع ذلك -ومن باب المحبة- أطلب من أخي عارف، أن يقوم هو بوضع النقط على الحروف. لكن أرجوه ألا يكرر شيئا سبق أن تم طرحه خلال السنوات الماضية، ولا أظنه سيستطيع!.