خلق الله الإنسان حين خلقه في أحسن تقويم، ومن تقويمه له أن جعل له فطرة تدله على الصراط المستقيم، صراط المنعم عليهم بالهداية، وخير ما يهدون إليه أن يكونوا على خلق كريم.
لا داعي هنا إلى أن أُسوّد الورقة بمداد الألفاظ والجمل التي تحث على الأخلاق وترغب فيها، فلا أحسب أن قارئا لهذه السطور إلا ولديه من الكلمات والجمل ما يفوق أو يوازي ما لدي، سواء كان هذا الكم التراكمي من "القيم اللفظية" يرجع إلى ثقافة دينية أو موروث شعبي.
وهذه "القيم اللفظية" -إن صحت التسمية- أساسٌ يجب أن تبنى عليه الحياة المستقيمة.
حسنا، هل رأيت بيتا بلا أساس؟!
هل سمعت عن نخلة بلا أصول؟!
لكن في المقابل، ما قيمة الأساس إن لم تقف عليه بناية؟! وهل ستلد الجذور لنا تمرا؟!
لا جدال في الأخلاق حين تكون "قيمة لفظية"، لكننا نقف منها موقف الشد والجذب، ونجادلها جدالا عنيفا حين تنزل إلى الواقع.
إن الأخلاق لم توجد لتكتب بخط جذاب، أو لترسم على لسان شاعر، ما لهذا ولغيره من "القيم اللفظية" وجدت الأخلاق.
أنت تعرف لماذا وجدت؟
يقول أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
تأمل هذا القول، ثم تأمل:
"أقربكم مني منزلا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا" "محمد صلى الله عليه وسلم"
فكم من الصبر والتضحية والعطاء ستقدم لتنال هذه المنزلة.