تخضع عدد من القطاعات الاقتصادية السعودية لنوع من أنواع الاحتكار. مشكلة الاحتكار تكمن في سيطرة شركة أو عدد من الشركات على نشاط اقتصادي بشكل يتيح لها التحكم في سعر السلعة أو الخدمة المطلوبة. ودائما ما يضر الاحتكار بالاقتصاد الكي بشكل عام، والمواطن بشكل خاص. فيعاني المواطن من ارتفاع سعر السلع و الخدمات المحتكرة، وبالتالي يضطر إلى دفع مبالغ تفوق المنفعة العائدة عليه. ولكن مشكلة الاحتكار الأهم تكمن في الطريقة التي تلجأ إليها الشركات المحتكرة لرفع سعر السلعة. ففي حال كان عدد الشركات المسيطرة على الصناعة قليلا، وتكون البدائل معدومة، تتفق هذه الشركات على تخفيض كمية المعروض، فلا تقوم بالعمل بكامل طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب القائم على السلع.
توقف خطوط طيران شركة سما عن العمل كانت ضربة موجعة لعملية تعزيز التنافسية في صناعة النقل الجوي. فشركات الطيران الاقتصادي أثبتت أن لها تأثيرا أكبر على مستوى المنافسة. وكنتيجة لهذه التقلبات، فقد قامت الجهات المعنية، ومنها مجلس الشورى، بدراسة قوانين وتشريعات جديدة تهدف لتحرير هذا القطاع الحيوي، وزيادة مستوى المنافسة فيه. أحد هذه الاقتراحات كان تحرير أسعار التذاكر بشكل كامل، ورفع الدعم عنها، بحيث تخضع جميع الشركات لمنافسة عادلة. ولكن هذا الاقتراح أبعد ما يكون عن مصلحة المواطن.السبب الأول هو الزيادة السعرية المتوقعة نتيجة رفع الدعم. فعلى الرغم من أن الاقتراح سيزيد من التنافس بين الشركات العاملة، إلا أنه لن يكون كافيا لتعويض الزيادة. وبسبب انعدام البدائل المتاحة لخدمات النقل الجوي، فإن شركات الطيران ستقوم بتحميل معظم تكاليف رفع الدعم على المواطن. السبب الثاني هو أن الدعم يخفض من إجمالي التكاليف لكل مقعد، ما يحفز الشركات العاملة على تقديم سعة مقعدية أكبر، وعدم الحد من المعروض بهدف الاستفادة من أسعار أعلى.
صناعة الكهرباء فيها مثال آخر على أهمية الدعم الحكومي في القطاعات الاقتصادية المحتكرة. فالاحتكار القائم في قطاع الكهرباء يعود لأن حجم الشركة الكبير يمكنها من خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي فمن مصلحة الاقتصاد وجود شركة واحدة. ولكن بدون دعم الشركة، فإن وضعها يخولها تحميل المستهلكين أي سعر تفرضه. الدعم يفرض على الشركة تحديد سعر مناسب، قريب من تكلفة الإنتاج العملية، بحيث تتحمل الدولة التكاليف الرأسمالية.
نحن في حاجة لإيجاد آليات لتصنيف وتحديد القطاعات الاقتصادية المحتكرة. فإن كان الاحتكار ضروريا، تدخلت الدولة بالدعم، وإن ثبت العكس، يتم كسر هذا الاحتكار من أجل المصلحة العامة.