أثارت ورقة عمل بعنوان: "نساخ المصاحف في الأحساء"، لعضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور علي البسام، قدمها مساء أول من أمس في فعاليات الملتقى الأول، الذي تنظمه الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه "تبيان"، وباستضافة من جامعة الملك فيصل بالأحساء، بعنوان: "واقع القرآن وعلومه في الأحساء من عام 1300هـ حتى 1437هـ"، جدلاً واسعاً بين المتخصصين في القرآن الكريم وعلومه، بعد عرضه مجموعة من المخطوطات القرآنية لنساخ من أبناء الأحساء، تخالف "الرسم العثماني" في ضبط وكتابة القرآن الكريم.
مهنة متوارثة
أشار البسام خلال ورقته، إلى أنه رغم تباين المصاحف الأحسائية من حيث الخطوط والأشكال والرسوم، إلا أنها أثبتت وجود مدرسة أحسائية للنسخ لها اهتماماتها ونسقها الخاص، وهي بحاجة إلى المزيد من الدراسة العلمية المتقدمة، وهي جديرة بالتعمق، وقد تميزت المصاحف الأحسائية بحسن المنظر والخط الجميل والأشكال الزخرفية، متأثرة بالبيئة المحلية مثل زخارف المباني والأبواب والنوافذ والمشالح الأحسائية الشهيرة، علاوة على عدم التكلف المبالغ فيه، وهي لا تقل جودة ومكانة عن غيرها، وقد امتهنت بعض الأسر الأحسائية مزاولة نسخ المصاحف، وقد توارثتها الأجيال في تلك الأسر، وأسهمت بدورها في نشر المصاحف وعلوم القرآن الكريم، وهو الذي كان له دور كبير في إثراء الحركة العلمية في الأحساء. وأبان أن صناعة الحبر، الذي يدون به المصاحب يتكون من الحبة السوداء، وقرف الرمان، ونواة الخوخ، وهو السائد في ذلك، مبيناً أن جمعه لهذه المخطوطات كجانب تاريخي.
أدوات الكتابة
قال المتخصص في علوم القرآن الكريم "الدكتور مساعد الطيار"، إنه من خلال قراءات متعددة، وجد أن مصاحف المشارقة، ابتعدت عن الأصول الأولى في الرسم العثماني، وقلما تجد مصحفاً للمشارقة يكون قد انضبط بالرسم العثماني، وأما المغاربة وجمهور الدول الإفريقية كان الرسم العثماني عندهم أصلا، وقلما تجد هناك مصحفاً لا يكون مضبوطاً بالرسم العثماني وبالألوان.
فيما أبان رئيس الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه "تبيان" الدكتور العباس الحازمي، إلى أن ما لفت انتباهه في الورقة، هو أدوات الكتابة وأدوات صناعة الحبر، لكتابة المصاحف، وهي مشابهة للأدوات المستخدمة في سائر الكتابات الأخرى، لاسيما أن العلماء يفرقون بين ما يكتب به المصحف وما يكتب به سائر الكتب والأوراق.
مدرسة المشارقة
أضاف الدكتور أحمد السلوم "المتخصص في علوم القرآن"، المتأمل في صور المخطوطات القرآنية، التي جرى عرضها عبر الشاشة أثناء المحاضرة، تخالف قواعد الرسم العثماني، المعتبرة في كتابة المصاحف، مؤكداً أن العلماء في الأحساء هم أهل دار فقه.
وذكر عضو هيئة التدريس في جامعة الطائف الدكتور ناصر القثامي، أن نساخ وعلماء الأحساء يتبعون مدرسة المشارقة، وهي تعنى بالرسم العثماني، متسائلاً هل هناك مدرسة أخرى مستقلة عن مدرسة المشارقة تتعلق بضبط المصحف.
إلى ذلك، أكد الدكتور ياسر الربيع، المتخصص في علوم القرآن الكريم، في ورقته بالجلسة بعنوان: "علماء الأحساء ودعاء ختم القرآن"، على ضرورة إقامة مركز ثقافي يعنى بجمع تراث الأحساء ودراسته وتحقيقه، وأن جامعة الملك فيصل جديرة بتبني تلك المبادرة. وأشار الدكتور فهد العثمان في ورقته بالمحاضرة بعنوان: "مؤلفات التجويد في الأحساء"، إلى اهتمام علماء الأحساء بالتجويد في القرن الـ 14 الهجري والذي قبله.