بعد وفاة زوجة جدّي -رحمها الله- ذهبت مع خالي إلى محكمة الأحوال الشخصية لاستخراج صك حصر ورثة، وهو صك يُكتب فيه أسماء أبناء وورثة المتوفى.

طبعا، لا توجد مواعيد، وكالعادة أرقام الانتظار تنتهي من الساعة العاشرة صباحا. المشكلة ليست هنا، المشكلة الحقيقية أنهم يطلبون اثنين من الشهود، واثنين يزكون الشهود، وهذه كارثة لثلاثة أسباب:

أولا: لأنه يجب وجود 4 أشخاص دون موعد محدد، إن كانوا موظفين فكل منهم يجب أن يفرغ نفسه من الصباح إلى ما بعد الظهر "ويمكن يلحقون ويمكن ما يلحقون".

السبب الثاني: أن هذه المعلومات موجودة في سجلات الأحوال المدنية، ويمكن معرفة ورثة أي متوفى بتطبيق بسيط يحصر الورثة بناء على بيانات الأحوال المدنية.

السبب الثالث: أن أخذ هذه البيانات من الأحوال المدنية أكثر مصداقية، ويجنبنا احتمالية التحايل والتلاعب.

فأي وريث يستطيع بشهادة الوفاة وبحضور اثنين من الشهود والمزكين تهميش أحد الورثة بسبب أي خلاف! وإذا حصل واكتشف الوريث المظلوم هذا التحايل فسيدخل في متاهات وإجراءات روتينية طويلة عريضة حتى يثبت حقه.

أحيانا كثيرة أشعر بأن وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية "زعلانين" من بعض!، وما زلت أجهل سر هذا الزعل بينهم.

لا يريدون مشاركة المعلومات، ولا يريدون توسيع دائرة التعاون، ولا يريدون توفير قنوات مباشرة بينهم، والضحية هو المواطن الغلبان.

أريد أن أفهم، ما تعني الحكومة الإلكترونية إذا كان المواطن ما زال ينقل معاملته بنفسه من وزارة إلى أخرى، ومن جهة إلى أخرى، بل ومن قسم إلى قسم في نفس الوزارة؟!

أطلب من الله أن يحنن قلوب وزاراتنا على بعض، وأن يزيل كل غمة بينها، وأن يبعد الشيطان عنها، فكلها وزارات بلد واحد، وولدت من رحم وطن واحد.

وكل عام ووطننا بخير.