انتشر هاشتاق "سعوديات نطالب بإسقاط الولاية" على نطاق واسع في تويتر في الأشهر الأخيرة، ووضع منه العشرات من أجل التخلص من الولي كأكبر قيد يعوق عمل المرأة، بل يعوق حياتها بأكملها مع عدم إغفال القيود المعنوية، لكن هذا القيد من أكبر القيود على المستوى العملي والتي تفرض على المرأة بلا مبرر وبلا مصلحة سوى عادات وتقاليد لا تمت للعقل وللإنسانية وللدين بصلة.

وقد وجد الهاشتاق إقبالا كبيرا من أفراد المجتمع ومعارضة أيضا من البعض الآخر، ولكن ومن خلال تلك المعارضة تفاجأنا بأن المعارضة ليست من أجل حكم شرعي يخشون عليه كما يتظاهرون بذلك، بل يخرج من منطلق الشك في المرأة، ولن نستطرد في سرد خبايا الولي، ولكن ما يبعث على التذمر والتعجب هو تماهي وموافقة بعض الأنظمة مع هذه الأعراف، فهل يوجد مبرر منطقي أو مصلحي في فرض الولي عليها في تصرفاتها من بيع أو شراء أو توكيل أو توظيف أو سفر أو سكن أو دراسة أو إثبات هوية ليخرجوه لنا ويطلعونا عليه وأنه لولا الولي فسيحصل كذا وكذا من السلبيات والمصائب؟!

إن بعض المختصين بالفقه بدؤوا يصرحون بأنه لا ولي إلا في الزواج، ورغم ضعف هذا أيضا ــ إذ ليس كل امرأة تحتاج لولي في تزويج نفسها أو ابنتها وإنما القاصرات لقول النبي عليه الصلاة والسلام "الأيم أحق بنفسها من وليها"، وأحق يعني مطلق التصرف بنفسهاـ أقول رغم هذا التصريح إلا أنه ما زال بعض الأفراد يعارض ترك الولاية، منطلقين من آية لم يحسنوا فهمها، وهي قوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء"، فهذه الآية وكما يظهر من سياق الآية والنصوص الأخرى أتت في سياق ضبط المنحرفات أخلاقيا وليس عاما في كل امرأة، أي أنها لامرأة ظهر منها انحراف أخلاقي ثم أوعزت مهمة ردعها للرجل لأنه ذو سلطة عليها في وقت الرسالة وفي بعض المجتمعات التقليدية، كسلطة الأب على الابن البالغ في المجتمعات الأبوية فهو قادر على ضبطه في حال انحرافه، لكن هذا لا يعني التصرف المطلق به وأنه ولي عليه في كل شيء، فكذلك الرجل مع المرأة في هذه الآية فهو لا يعني التصرف المطلق بها حتى ولو كانا زوجين، فاحتمالية أن تتساوى معه في الوعي والإدراك كبيرة وليست نادرة لنقرر القوامة الأسرية عليها بشكل مطلق، والأحكام الشرعية لا تأتي لحالات نصفها منقوض كهذا التفسير الذي يفسرون به الآية.

مما سبق يتضح ضرورة التخلص من الولي كنظام وكثقافة ووضع الثقة بالمرأة، وربما -بل الأفضل- ألا يكون هذا عاما في كل امرأة، وإنما تبقى بعض النساء على الولي، ولبعض الإجراءات أيضا خاصة صغيرات السن، وأن توضع آلية لتحديد من عليها ولاية ومن ليس عليها ولاية كالتحديد بالعمر، فمن كانت فوق عمر معين فلا ولاية عليها، أو الوظيفة بمرتبة معينة فمن كانت أعلى فلا ولاية عليها، أو بالشهادة الأكاديمية أو المركز الاجتماعي أو بأي وسيلة، فالمهم -وهذا يهم الشريعة أكثر من المرأة- أن نخرج شريعتنا من هذا التناقض الفج الذي نعيشه، فكيف لابن مراهق أن يكون وليا على أمه! وكيف لجاهل أن يكون وليا لعالمة! وكيف لصغير أن يكون وليا لكبيرة.