مضت أشهر أربعة تتفاوت فيها حصيلة المتعة والفائدة والراحة خلال الإجازة بين شخص وآخر.. لم يبق عالق في الذاكرة أنها طويلة الأجل، سارت ببطء لمن يحب مقاعد الدراسة. والعكس للصنف الآخر. السؤال المهم: ما هي الحصيلة القرائية الثقافية المعرفية التي حصدها التلميذ خلال المائة والعشرين يوما من الفراغ؟ ماذا أضاف إلى رصيده المعرفي؟ هل علاقته بالكتاب لحظية فقط من أجل حصد درجة النجاح وبعد الفراغ منه يلقيه في أقرب منعطف للنسيان؟
هذه المعضلة يتشارك في حلها ثلاثة أطراف معنية: الوزارة - المعلم - البيت. الأولى عليها تجهيز برنامج يتبعه الطالب من بدء الإجازة.
وهنا أقترح فكرة تقديم برنامج قرائي للطالب يسير عليه خلال فترة الإجازة، وهو عبارة عن تزويده بكتب مناسبة لسنه، وخطة قرائية يسير عليها، وتحفيزه على القراءة بعمل مناقشة لما قرأ عند عودته أو انتقاله إلى مرحلة أخرى. وكي يكون هذا البرنامج ناجحا، لا بد أن يخضع لخطة متقنة تستحدثها الوزارة، وتعممها على إدارات التعليم، ويكلف بها معلمو اللغات في كافة المدارس.. المعلمون عليهم العبء الأكبر في توعية التلاميذ بأهمية القراءة، ليس لوقت الفراغ فقط، بل هي أمر أساس.. يقول عباس محمود العقاد: القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقا، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب..
عودا على دور المعلمين الواعي بأهمية القراءة، أظن أن 95% منهم بعيدون كل البعد عن الاهتمام بتثقيف التلاميذ وتتبعهم، وتوجيههم كيف يستفيدون من الوقت!
فالسؤال الذي يطرحه المعلمون في اليوم الدراسي الأول: أين سافرتم هذه الإجازة..؟!
نادرا ما يكون هناك معلم يسأل: ماذا قرأت؟.. كم كتابا قرأت؟ أذكر عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي خلال الفصل الدراسي الأول، طلبت أن أستعير ديوانا شعريا، وساعدتني معلمة اللغة العربية.. أخذت الديوان وقرأته، ثم بدأت بكتابته في دفتر خاص بي لاحتفظ به، وما زلت حتى الآن أذكر قصائده، وقبل عام من الآن حصلت على الديوان ذاته ممهورا بتوقيع صاحبه..
ليتهم يعون أن القراءة هي الانتقال من سراديب ضيق مظلم إلى فضاء مختلف واسع!
القراءة هي الطريق السليم الذي نهدي أطفالنا إليه، وتعليمهم الانتظام فيه حتى يصلوا إلى النور والوعي والاتزان..
الإنسان القارئ شخص مختلف حياة وأسلوبا وحضورا ووعيا.