أقف على النقيض تماما أمام من يقول إن العائلة السعودية لها علاقة باستمرار أزمة العمالة المنزلية.. على اعتبار أن هذا تجن واضح فاضح، ليس عليه دليل واحد، بل على العكس كل الشواهد أمامي تقول بعكس ذلك.
غير مقبول أن نحمّل المجتمع تقصير الجهات الرسمية المسؤولة عن ملف العمالة.. فيصبح جدارا قصيرا تعلقون عليه تقصيركم.. هذه نغمة مرفوضة.
ثم، وهذه نقطة مهمة، عدم وجود عقد عمل يحدد طبيعة العلاقة بين العاملة وصاحب العمل لا يتحمله "صاحب العمل"، بل الجهات التي سمحت بالاستقدام -وما تزال- دون آلية تحفظ حقوق الطرفين.. بل إن "صاحب العمل" لا يُمانع مطلقا في وجود هذا العقد وهذه الآلية.. ويرحب بها، وينتظرها بحماس، على الأقل هذا سيحفظ له حقوقه؛ في حال رفضت العاملة العمل لسبب أو لآخر، أو أطلقت ساقيها للريح في ليلة مظلمة!
لا ينبغي تمرير فكرة مريضة ترمي فشل وزارة العمل في ملف الاستقدام على "العائلة السعودية".. هذا يعزز موقف المفاوض الأجنبي على الضفة المقابلة!
أعرف حكايات كثيرة تؤكد أن بيننا من يعامل الخدم معاملة إنسانية رائعة.. بل -وهذه على مسؤوليتي وينبغي أن يسمعها السفير الإندونيسي والفلبيني والهندي- لا تجد العاملة المغتربة بيئة عمل تفوق البيئة المحلية.. سواء في المعاملة الإنسانية، أو الرحمة، أو الحوافز، أو البذل والعطاء، أو المكان الآمن.. ولا أعلم بلدا غير خليجي -حتى أكون منصفا- يعامل الخدم هذه المعاملة الطيبة!
أما وجود حالات شاذة فهذه لا تعكس سوى أصحابها ولا تُمثل مجتمعنا -الذي هو أنت وأنا وهو- ناهيك عن أننا لو تتبعنا الحالات الشاذة سنقف عند حالات مخيفة يتعرض لها خدم المنازل في كثير من دول العالم، ومن بينها دول الاستقدام ذاتها!
الخلاصة: ملف الاستقدام في "السعودية" لن يتم حله سوى بتدخل هيئة مكافحة الفساد، بمساندة جهات أمنية تبحث عن الأيدي الخفية التي تمارس الضغط بشكل مباشر أو غير مباشر لعرقلة حل هذا الملف الذي يتعقد يوما تلو آخر، والمتضرر في نهاية المطاف هو الأسرة السعودية متوسطة الدخل، التي تضطر للحصول على العاملة بمبالغ فلكية، لا توجد في أي دولة أخرى في العالم!