كل عام وأنتم بألف خير، بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك.
عدد حجاج الخارج هذا العام 1437، 1.372.325 حاجا، يمثل الذكور 55% من العدد الإجمالي. جاؤوا من 164 دولة في العالم!
نحن نعيش أهم موسم في السنة كلها. العيون -على اختلافها- تتجه صوب بلادنا هذه الأيام. العدسات تدور في كل زاوية. بعضها ينقل الإيجابيات، وبعضها يتصيد الأخطاء!
العمل الخيري في الحج عادة متجذرة. أود القول إنه في كل شؤون الحياة، طالما الأمر يخضع للقناعات دون النظام، فتصبح هي التي تحدد وتقرر وتوافق وترفض. لن يكون بإمكانك أن تقنع إنسانا أن يغيّر وجهة تبرعاته -مثلا- مهما أوتيت من قوة البيان، ومهما امتلكت من قوة الحجة، ومهما قدمت له من البراهين!
أحتفظ بحديث قديم لمعالي الدكتور عبدالعزيز الخضيري، وقت عمله في إمارة منطقة مكة المكرمة يقول فيه: "إن ثقافة التبرع الخيري -في الحج- ما تزال بحاجة إلى توسيع في مفهوم الإنفاق الخيري، والخروج من عنق العشوائيات التي يؤمن بها البعض".
يجتهد البعض لخدمة الحجاج، وهذا أمر طيب، لكنه أحيانا يسبب إرباكا لعمل المؤسسات المعنية بالحج. أعني يصر البعض أن تكون تبرعاته محصورة في نطاق الأكل والشرب. تماما كما يحدث في رمضان المبارك، إذ يتم جلب أطعمة فوق الحاجة أحيانا، بعضها لا يؤكل. يرسم ذلك صورة مشوّهة لعمل الدولة. مؤكد أن ذلك يحدث بدافع حسن. لكن هذا يؤسس أحيانا للفوضى.
هذه المبالغ التي تتحول إلى أطعمة تنتهي في حاوية أو تحت الأرجل، لو تم إيجاد "قنوات نظامية لها" تحت مسمى إطعام حاج، أو معتمر، سيكون أفضل، أو يتم إرشاد المتبرع إلى قنوات أخرى، كالتكفل بحج شخص غير نظامي مفترش.
نعود إلى أساس المشكلة: قنوات التبرع، ليست قضية إجراءات أو تعليمات ومسموح وممنوع. هي قناعات متجذرة في وجدان الناس هنا؛ ويرفضون التنازل عنها بسهولة.
الحج مناسبة كبيرة، ولا يفترض ترك المجال للاجتهادات مهما كانت طيبة. النوايا الحسنة في بعض الأحيان ليست كل شيء.