نحن، سيدي، شعب لا يحب الخطب العصماء. نحن نطرب لمجرد جمل ثلاث من الأب إلى بقية الأسرة. نحن الأبناء الذين يودون أن يطمئنوا على صحة الأب ونحن أيها الأب لا نريدك أن تقلب المعادلة: نحن من يشعر بالصحة ما دمت صحيحاً ونحن من كان حديثك إليه عيداً جديداً في ثنايا عيد الحج الأكبر. أيها الأب، وهل يحمل القاموس من أوصاف الرجال بأغلى من الأب؟ لن نكذب إن قلنا إننا خفنا عليك فالأيام حبلى بكل ما في الأخبار من طيف الألوان، وبكل ما فيها من المسافة ما بين الأبيض حتى نهايات الأسود. أيها الأب الذي كان حديث كل مساء العيد: وإذا كانت ليلة العيد عادة للم شمل الأسرة فمن الصدفة الحميدة أنك كنت الأب الذي جال كل البيوت ومن الصدفة أنك كنت حديث البيوت. أيها الأب: نحن الأبناء الذين اجتمعنا إليك، استمعنا إليك وأتيت ليلة عيدنا يوم جاء عيدنا إليك وكل ما قلته في جمل ثلاث هو ذات الحديث الأسري الأبوي الذي يريده الأبناء من الأب. نحن لا نريد الخطب العصماء ولم نتعود من ملوكنا أراجيف المنابر التي انشغلت بها بقية الشعوب. نحن نريد حديث الأب الذي يتحدث لأبنائه عن تفاصيل الوعكة الصحية بهذه البساطة والعفوية والشفافية والمباشرة. أيها الأب: وحتى ولو لم نكن في حاجة للبرهان، فلم تزدك العفوية والبساطة في الحديث لأبنائك وبناتك إلا رفعة لا يصل إليها إلا الأب. نحن بحديثك الأبوي لم نعد قائداً وشعباً بل والداً وأسرة. نحن ليلة العيد نباهي أعتى ديموقراطيات الأرض أن تأتي لشعوبها بقائد يحظى بشيء من الحب الذي تقرؤه إشارات العيون ونحن لا نحبك بالأغلبية المطلقة بل بالإجماع الساحق. نحن نعرف من قبل أننا (عيونك التي تشاهد بها ولا تسمح لأحد أن يخدش هذه العيون) ونحن الأبناء الذين كنا ننتظر من الأب أن يقطع نصيحة الأطباء بالراحة فلا حاجة لأب لراحة طبيب من أبنائه. نحن أيها الأب من نشعر بالصحة إذ عوفيت ومن يستشعر العيد حين كنت العيد المرادف له.