عبدالقادر الغامدي

 

زرت إحدى المدارس الابتدائية الجديدة غرب الدمام في أحد  الأحياء الجديدة (تذكر هذه العبارة.. مدرسة جديدة في حي جديد)، بهدف تسجيل ابني فيها، بعد أن انتقلنا إلى الحي الجديد وقد كان المبنى حكوميا وفخما للغاية من الخارج. ولكن وما إن دلفت إلى داخل المبنى حتى رأيت العجب العجاب. أطفال يتشاجرون وعلب فارغة وقراطيس ومخلفات أطعمة في كل مكان.

من النظرة الأولى للمدرسة تراجعت عن تسجيل ابني، وهممت بالخروج من المدرسة في أسرع وقت، ولكن فضلت أنا أقابل المدير لأطلعه على المنظر الذي رأيت. ذهبت إلى مكتب المدير وكان كبيرا جدا وبه عدد من المدرسين يحتسون الشاي والقهوة وعامل النظافة واقفا ينتظر الإشارة من أحدهم للقيام بأي خدمة يطلبونها. بعد أن ألقيت السلام عليهم جلست بجانب المدير وهمست إليه طالبا رقم جواله لكي أتواصل معه شخصيا وأخبره بما رأيت، لأنني ما أحببت إحراجه أمام الموجودين في المكتب ولكنه بادرني بالقول، تفضّل قول ما عندك، ليست هناك مشكلة فكل الموجودين هنا زملاء. فذكرت له الموقف وقلت له يجب أن تعودوا الأطفال على النظام والنظافة وهذا في صالحهم وصالح المدرسة أيضا. فكان ردّه، نحن ما زلنا في بداية السنة وسوف يتعلمون مع مرور الوقت. وعندما حاولت أن أبيّن له بأن الوضع غير لائق وغير مقبول، رد بطريقة غريبة وفوقية بقوله "والله هذا الموجود".

 خرجت من مكتبه وكانت الطامة الكبرى ما رأيته وأنا أهم بالخروج من الباب الرئيسي، حيث كان الباب مفتوحا مثل ما كان عند الدخول والطلاب يخرجون ويدخلون كيفما شاؤوا. قام أحد المتواجدين بالقرب من المدرسة، ولا أعلم إن كان مدرسا أو ولي أمر أحد الطلبة أم مجرد متطوع، قام بإرجاع طالبين حاولا الخروج من المدرسة إلى داخل المدرسة.  هذه المسرحية الهزلية حدثت بكل تفاصيلها في منشأة حكومية مهتمها تعليم النشء القراءة والكتابة والأخلاق وجميع المعارف. الدولة تصرف مئات المليارات على المنشآت الخدمية، ولكن بعض الوزارات وللأسف تضع تلك المنشآت تحت إدارة أناس لا يملكون أدنى خبرة في علم الإدارة. والمصيبة والمشكلة العويصة والكبيرة فعلا أن الفوضى وعدم التقيد بالنظام أصبحا وكأنهما من المسلمات. فقد رأيت مدرسين وأولياء أمور يدخلون ويخرجون من المدرسة ويرون ذلك المنظر ولم يحرك فيهم ساكنا. أين وزارة التعليم عن تلك المدرسة ومثيلاتها وهي كثر. لماذا لا يقوم وزير التعليم بزيارات مفاجئة للمدارس ليرى بأم عينه الحال التي وصلت إليها. إذا كان ذلك المنظر الذي لم أستطع تحمّله أكثر من عشر دقائق، وهي مدرسة جديدة وفي حي جديد، فكيف هو الحال في المدارس القديمة التي تقع في المدن الصغيرة والهجر؟! رأفة بأبنائنا الصغار فهم عماد المستقبل، وإن كانت بداياتهم العلمية والعملية ستكون بهذا الشكل فلا نستغرب حينها إن وجدناهم إذا كبروا لا يحترمون النظام ولا يأبهون بالقانون.