بعيدا عن الجدل الذي يصاحب بعض فروع جائزة نوبل كل عام، برزت أصوات تطالب بتجديد فروع الجائزة لتتواكب مع متطلبات العصر وتطور العلوم، وإدخال علوم جديدة خصوصا في مجال علم البيئة الذي يؤثر بشكل كبير في مستقبل الإنسانية والخروج من رؤيتها التي لم تتغير منذ القرن التاسع عشر. وقال الكاتب الأميركي المختص في مجال البيئة جابريل بوبكين في رؤية له حول الجائزة بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: تركيز جوائز نوبل الضيق يتسبب في خلق عالم علمي ذي مستويين، يتم فيه اختيار مجالات معينة معروفة فقط. خصوصا وأن الحائزين على جوائز نوبل يتلقون اهتمام الإعلام، ما يرفع من مكانتهم المهنية ويزيد من فرصهم. فهم عادة ما يجتمعون بالمسؤولين ذوي المناصب العالية، فهذه الجوائز تجعلهم مميزين عن غيرهم بمكانة وموارد من قبل الجامعات والدول.

 


 تجاهل المطالب

أضاف الكاتب: في عام 2009 قام 10علماء معروفين ومهندسين إضافة إلى حائز على جائزة نوبل بكتابة رسالة يطلبون فيها من المؤسسة أن تكرّم المزيد من المجالات العلمية. فردت مؤسسة نوبل قائلة: إن اللجان المسؤولة عن الجوائز كانت ناجحة إلى حد معقول حتى الآن في تتبع التطورات الرئيسية للحضارة الحديثة".

ويعلق بوبكين قائلا: التكريم العلمي الأهم في العالم تجاهل التحوّلات الجذرية في العلوم وهذا لا يؤثر فقط على ترشيح غير المؤهلين فقط وإنما يؤثر على مكانة العلوم بشكل عام في المجتمع، فكروعة التقدم في الفيزياء والكيمياء أو الطب، على الأقل من الرائع أن نتطرق للمشكلات البيئية وأن نتوقع الكوارث الطبيعية كي نعلّم الناس كيف يفهمون المواضيع المعقدة في العلوم. على مؤسسة نوبل أن تقفز قفزة جريئة إلى الحاضر وأن تزيد من لمعانها، وأن تحرر نفسها من رؤية القرن التاسع عشر.

 


علوم مهملة

طرح بوبكين مثالا على ما وصفه بـ"جمود جائزة نوبل" قائلا: في منتصف الستينات اكتشف العالِم روبرتباين من جامعة واشنطن بـ"سياتل" مبدأ خفيا في النظام البيئي الساحلي الذي كان يدرسه. عندما كانت أنواع معينة من نجم البحر موجودة فإن مجموعة من الطحالب والبطلينوس والبرنقيل وشقائق نعمان البحر وبلح البحر، كانت تعيش في توازن ديناميكي. ولكن عندما أزال نجم البحر ورماه في المحيط اختل هذا التوازن وسيطر عليها نوع واحد فقط من بلح البحر. استحدث الدكتور باين مصطلحا يصف به التأثير الكبير لنجم البحر: "keystone species المُفترسات". ومنذ ذلك الحين تم تحديد الأنواع المفترسة في الغابات والأراضي العشبية والمحيطات وحتى في الأمعاء البشرية. أصبح المفهوم واحدا من المبادئ التوجيهية النظرية للبيئة، وكان لذلك أثرا عميقا وملهما. وأضاف: لو كان الدكتور "باين" عالما فيزيائيا أو كيميائيا أو عالما في الخلايا الحيوية لكان هذا المثال المؤثر رشحه لجائزة نوبل. ولكن لأنه عالم بيئة، لم تكن له أي فرصة كي يحظى بشرف وثروة ومكانة الحائزين على جوائز نوبل. ونفس الأمر ينطبق على كبار الجيولوجيين وعلماء البحار وعلماء الأرصاد الجوية وعلماء المناخ وعلماء المحاصيل وعلماء النباتات وعلماء الحشرات والمهنيين في العديد من المجالات الأخرى. وهناك مثال آخر وهو أن الخبير الزراعي نورمان بورلوج فاز بجائزة نوبل في 1970 بسبب دراسة قام بها عن إنتاج القمح والذي قيل إنها حافظت على أرواح أكثر من أي اكتشاف حائز على جائزة في الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء. تماما كما حصل مع اللجنة الدولية للتغيرات المناخية. هم فازوا بجائزة نوبل للسلام، وهي ليست جوائز علمية.