أكد خبراء صينيون أن ما يعرف بقانون "العدالة ضد رعاة الأفعال الإرهابية"، أو ما يعرف بـ"جاستا"، جاء على خلفية تصاعد المنافسة الحزبية بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة، خاصة مع بقاء شهرين فقط على انطلاق انتخابات الرئاسة الأميركية، متوقعين ألا تكون له تداعيات فورية على العلاقات الدولية، بما فيها تأثر العلاقات الأميركية السعودية، ومن ثم حدوث خلل في مكافحة الإرهاب.
ونقلت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" عن الخبراء قولهم، إن تصويت الكونجرس للقانون بتعطيل "فيتو" الرئيس الأميركي باراك أوباما، "جاء خارج التوقعات، وهو تصرف غير عقلاني وغير مدروس، ويثير الشكوك".
وقال الخبير في الشؤون العربية بمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة تشين تيان، إن جاستا جاء نتاجا للصراع المتصاعد والمنافسة الحادة بين الديمقراطيين الذين يحكم أوباما المنتمي إليهم البيت الأبيض، والجمهوريين الذين يسيطرون على الكونجرس، خاصة في الشهرين الأخرين قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر القادم.
وأشار تشين إلى أن هذا الأمر جعل أوباما والحزب الديمقراطي "في وضع محرج ومهين"، مضيفا أن "الجمهوريين حملوا الإدارة الديمقراطية مسؤولية تدهور الوضع الأمني في الولايات المتحدة خلال الأعوام الماضية، والهدف من ذلك إثارة شكوك الناخبين إزاء المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي عملت في السابق وزيرة للخارجية، وارتكبت أيضا بعض الأخطاء الأمنية في حماية أرواح الأميركيين، وذلك قد يرفع من إمكانات المرشح الجمهوري دونالد ترامب في المنافسة الانتخابية".
تأثير رمزي
أكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة بكين وبينجبينج، أن القانون يبرز أن موضوع الأمن يقع في بؤرة اهتمام الأميركيين، ولكنه أشار إلى أن مسيرة تطبيق القانون، خاصة في الولايات المتحدة التي تحتاج كل خطوة سياسية فيها إلى مناقشة ومناظرة متكررة، تعد مسيرة قضائية. ومن ثم، ما زالت هناك مسافة طويلة قبل رفع دعاوى حقيقية، وقبل تحديد التفاصيل الإجرائية.
وشدد وبينجبينج على أن آلية التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية وغيرها من شركائها في المنطقة ما زالت فعالة، لأنها تقوم على المصالح المشتركة، وأن الموافقة على قانون "جاستا" ليس سوى حدث فردي، ولن يضر بآلية التعاون بينهما بشكل فوري ومباشر.
واتفق معه في الرأي تشين، قائلا إن "مقاضاة دولة ذات سيادة أمر لم يحدث لأي بلد من قبل في العالم، وقد يتطلب الأمر عدة أعوام لتحديد التفاصيل الإجرائية، وإن تأثيره الرمزي حتى الآن أكبر من تأثيره الفعلي".
خيار غير واقعي
حسب وكالة "شينخوا" الصينية، قوبل قانون "جاستا" بمعارضة من كثير من الدول، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، في ظل استشعارهم الخطر الذي يشكله هذا القانون على العلاقات الدولية، فيما اتفق الخبراء الصينيون على أن خيار الولايات المتحدة "غير واقعي"، وسيجعلها تواجه تداعيات لا مثيل لها.
ارتداد الآثار
أكدت مقالة نشرت في صحيفة "قوانجمينج"، الإخبارية أن "الأمر قد يرتد على الولايات المتحدة نفسها"، لأن السعودية تعد أهم شريك لها في الشرق الأوسط، خاصة في الحرب على الإرهاب، لافتة إلى أن واشنطن والرياض ترتبطان بعلاقات وثيقة تقوم على النفط والتسليح والأمن، ولكنها شهدت تباينا خلال عهد أوباما، خاصة مع التقارب الذي حدث بين واشنطن وطهران في ظل الاتفاق النووي الإيراني.
تدخلات واشنطن
حذّرت وسائل الإعلام الصينية من أن هذا القانون ربما يكون له "تأثير سلبي على جميع الدول، بما فيها الولايات المتحدة، وذلك لأنه منذ الحرب العالمية الثانية، انتهجت الولايات المتحدة سياسة تدخلية تجاه كثير من الدول تحت ذرائع مختلفة، وكثفت من وجودها خارج البلاد، مشيرة إلى أن قانون "جاستا" سيثير الشكوك وربما يدفع، على سبيل المثال لا الحصر، الدول الأخرى إلى اتخاذ إجراءات ضد الدبلوماسيين والجنود وحتى رجال الأعمال الأميركيين.
السوق الأميركي
قالت شبكة "تنسنت" الإخبارية، إن القانون ربما يعرقل الوضع الأمني للمواطنين الأميركيين، بدلا من حماية أرواحهم. وعلى الصعيد المالي والاقتصادي، ذكر تشانج لي جون الخبير المالي في شبكة "توه تياو" الإخبارية، أن السندات الأميركية تواجه وضعا صعبا الآن، إذ قامت الصين واليابان ببيع ما تحملاه من سندات خزانة أميركية في الأرباع الثلاثة الماضية على التوالي.