منذ عامين تحالفت الولايات المتحدة مع الأكراد لمواجهة تنظيم داعش في سورية، وصارت وحدات حماية الشعب الكردي تقاتل داعش في شمال شرق سورية، لكن الأكراد الآن غاضبون من سياسة الولايات المتحدة التي جعلتها تحارب نفسها في سورية، وأن حلفاءها هناك صاروا يتقاتلون فيما بينهم، وبعضهم يتهم أميركا بخيانة القوات الكردية، لدعمها التدخل التركي الذي اشتبك الآن مع القوى الديموقراطية السورية المدعومة من الأكراد بين مدينتي "جرابلس" و"منبج"، قرب الحدود التركية.

هناك عدد كبير من جماعات مختلفة في سورية تقاتل ضد نظام بشار الأسد أو ضد إيران ووكلائها في سورية، مثل حزب الله اللبناني، وفي المناطق التي يسيطر عليها داعش والقوات الكردية. كما أن التدخل العسكري لـتركيا -الحليف الرئيس لأميركا في المنطقة- في المناطق القريبة من جرابلس، زاد الأمور تعقيدا أمام المجموعات المتنافسة.

الواضح أن الولايات المتحدة تتبع سياستين في سورية، ففي البداية كانت سياستها مصممة على دعم المعارضة السورية المناوئة لنظام الأسد، لكنها حولت انتباهها إلى مواجهة تهديدات تنظيم داعش الذي صعد في 2014، ولم تعُد محاولة تنحية الأسد تُشكل أولوية لها.

وبالنسبة لصناع السياسة الأميركية، فإن هذا التحول يمثل مشكلة خاصة، لأن الولايات المتحدة حليف مقرب لتركيا، وعملت مع بعض الجماعات المعارضة السورية السُنية على مدى السنوات الأربع الماضية. وفي الوقت نفسه، وطدت الولايات المتحدة أيضاً علاقات وثيقة، وناجحة جداً، مع وحدات حماية الشعب في حربها ضد داعش. فكيف وصلت أميركا إلى نقطة حيث تجعل سياستها "تدعم هجوماً في سورية يستهدف الأكراد المدعومين أيضاً من جانبها؟"

لدى السياسة الأميركية في سورية مخاوف متداخلة، حيث يعارض حلفاؤها الثوار السوريون الأسد، لكنهم يُعارضون أيضاً الأكراد لأنهم يعتقدون أنهم يقوضون "وحدة" سورية. وتعارض تركيا وحدات حماية الشعب لأنها تعتبر أنها تمثل حزب العمال الكردستاني، الذي هو في حالة حرب معها. وعارض النظام السوري مبادرات وحدات حماية الشعب وقد اشتبك معهما، ولكن ليس في صراع مفتوح مع الأكراد.

كانت الولايات المتحدة تشجع وحدات حماية الشعب الكردي على التحرك نحو الرقة، لكن الآن مع مشاكل منبج، فإنها تحاول التركيز على أن ذلك التحرك سيخلق مشكلة. ومع أن التدخل التركي في جرابلس يدعم قوات الثوار، إلا أنه سيؤدي إلى تعقيد الخطوات المقبلة ضد داعش.