الذي يتابع الاستعدادات الأمنية والجاهزية العالية للآليات والكفاءات المدربة، والتي يحتفل بإنجازها كل عام على بطاح عرفات، وعلى طريق الهدا الطائف، برعاية كريمة من سمو ولي العهد، يلحظ تجهيزا يفوق التوقعات.

وهذه العناية نابعه من الأمانة القدسية التي أنيطت بهذه البلاد قيادة وشعبا، وشرف لنا خدمة الحاج الشعار الذي يرفع سنويا. وما لاحظته من استعداد يفوق ما ذكرت، يدل على حرص الدولة على تأمين راحة الحجاج وزوار بيته العتيق الذين يأتون من أقاصي الدنيا، أداءً لركن من أركان الإسلام، وهو فريضة الحج كل عام، إذ يصل ملايين البشر إلى الديار المقدسة، هيئت لهم كافة وسائل الراحة والأمان.

وما يلفت الانتباه للوهلة الأولى على منافذ السعودية برا وجوا وبحرا، هو الترحيب وهدية الحاج وتخفيف الإجراءات أثناء الدخول، وحافلات النقل الميسرة، ثم هذه الكفاءات البشرية من رجال الأمن المدربين والمؤهلين على أفضل مدارس التدريب، وهذا ما يتابعه المسلمون هذه الأيام على القنوات السعودية والعربية الناقلة لمناسبة الحج.

فأنت ترى مظلة من الطائرات الأمنية لترتيب حركة السير ونقاط الفرز على الطرقات، للتأكد من وصول الحجاج بسلامة وأمان، حاملين معهم السكينة والروحانية وعلو الهمة بالتفرغ للعبادة، بعيدا عن الضوضاء وإخراج المناسبة عن قدسيتها.

ولعل نظرة عاجلة على خدمات الدولة المتنوعة تجعل الحاج مطمئنا لقضاء أيام الحج في عبادة وإخلاص. فأنت تشاهد قطار الحرمين ومدن الحجاج التي تتوافر فيها المواد الغذائية والاستراحات الجميلة، وحرص مؤسسات الطوافة على تناغم الخدمة وتكاملها مع أجهزة الدولة الأخرى، وإذا ما انتقلنا إلى المشاعر المقدسة فحدّث عن هذه النقلة المباركة للطرق الدائرية والتوزيع العادل للمخيمات والمساحة الخضراء التي تمتد على بساط عرفات ومزدلفة، وفجاج منى وجسر الجمرات، ثم هذا التمدد الأمني في مربعات سكنى الحجاج من الكفاءات الأمنية والرجال المخلصين من أبناء وزارة الداخلية وقطاعاتها الأمنية، على مختلف تخصصاتها في منى ومزدلفة وعرفات والطرقات المؤدية إلى المشاعر.

كل هذا يحمّلنا مسؤولية رعاية أمن الحجاج الذين نعتز بخدمتهم بدءا من المواطن الذي هو رجل الأمن الأول، وامتدادا عبر منظومة أمنيه جهزت بأعلى درجات الاستعداد واليقظة، والله حافظ أمنه وبيته العتيق وضيوف الرحمن الذين يصدق عليهم قوله تعالى: "ومن دخله كان آمنا..".

إنها منظومة متكاملة يشترك فيها كل فرد في هذه البلاد، بدءا من ولي الأمر -وفقه الله- خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي العهد، الذين يتولون الإشراف المباشر على راحة الحجاج والتأكد من سلامة حجهم أمنيا وصحيا وغذائيا، حتى يعودوا إلى أوطانهم سالمين غانمين.

هذا التفوق في الاستعداد، جعلني أربط ذلك بالاستعداد النفسي والاجتماعي للمواطن الذين وضع يده في يد الدولة، حفاظا على أمن هذه البلاد، لأن التعليمات والأنظمة تقتضي الإفصاح عن عدم حاملي التصاريح، والإبلاغ عن كل من يخالف أنظمة الحج، وكذلك عدم التعاون مع مجهولي الهوية، وعدم نقلهم بالسيارات الخاصة، فكل منا على ثغر من ثغور الحج، وكل موظف ومواطن يحمل مسؤولية أمن الحج، خصوصا هؤلاء الذين أنيطت بهم حماية أمن الطرق والتفتيش والتعاون من قِبلنا كمواطنين، مع هذه الجهود التي يحرص سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على الحفاظ على أمن البلاد، من خلال إخلاص المواطن نفسه، وكونه عينا ورقيبا على منافذ بلاده، ويستشعر هو المسؤولية التي حمّلنا إياها ديننا الحنيف وخدمة دينه ومقدساته، والشرف للزمان والمكان اللذين تحتلهما مكة والمدينة في نفوس المسلمين في العالم، وأن نكون عند مستوى هذا الأمر.

نسأل الله أن يعيننا على هذه الأمانة، وأن يكون حجا مقبولا وذنبا مغفورا للجميع.