خضر ظليطو
تخطت أفعال بشار الأسد التاريخ، حتى إنها تخطت فظاظة اللورد كرومر في تنفيذ الأحكام حينما حرق دنشواي، الحادثة التي أثارت شجون أحمد شوقي، فقال في قصيدته المشهورة: (نيرون لو أدركت عهد كرومر لعرفت كيف تنفذ الأحكام)، وذِكر أمير الشعراء لنيرون إنما يدل على حماقة حاكم أضرم النيران في روما لإعادة بنائها وهو يجلس في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق، ومن هنا كان المشهد السوري المؤلم لحاكم (أكثر ظلماً) من كرومر، وأشد حماقة من (نيرون) فجاءت النتائج كارثية.
ومع اندلاع الثورة السورية وحضور المشهد المؤلم من المجازر والقتل والتنكيل والتهجير على يد (بشار) وعصاباته، كان العالم أجمع على موعد للتعرف على رئيس جاهل غير مبالٍ سوى بكرسيه، حتى وإن اضطر للجلوس عليه كرئيس بدون شعب، فمن مدن يقطن فيها الملايين إلى مدن مهجورة تعداد سكانها لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، ومن مدن تعج بالحياة والحركة والاقتصاد، إلى مدن ليس فيها سوى الركام، فلم يبقَ في سوريا موضع إلا وفيه آثار براميل متفجرة، ولم يبقَ في آذان آل الأسد مسمع إلا وفيه لعنة لاعن أو دعوة مكلوم أو مشرد أو أرملة أو يتيم.
فما بين محاولة نيرون، غير المتوافقة مع الوجدان السليم، لإعادة بناء روما عن طريق الإحراق وبين ظلم كرومر لأهالي دنشوان، نشأ (بشار) فتغيبت ركائز الحكم الراشد، وأطل هوى السلطان الظالم، وما بين استمتاع نيرون بمنظر حريق روما وكبرياء كرومر المنشود، أطل علينا فصل آخر هو الأشد سواداً في تاريخ البشرية، فالقيادة السياسية في سوريا وبدون أدنى شك مسؤولة عن كافة تداعيات الوضع هناك، وما أضر من مسيرة إنقاذ سوريا أكثر هو إصرار بشار الدائم ومسارعته لتبرير أفعاله وأفعال تابعيه بمحاربة (الإرهاب).
وأخيراً من يتابع خطابات جميع أطياف السلطة السياسية في سوريا يجد أنها تركز بشكل دائم على نظرية المؤامرة، ولكن السؤال ما هو مفهومهم للمؤامرة؟ وهل المؤامرة لا تأتي إلا من الأعداء؟ بل ويدعون أنهم مستهدفون!. ثم يطل بشار صباحاً يسوق لجرائمه على أنها حلول، ويعود مساء ليتذرع بالتآمر والاستهداف، ولا يكتفي بذلك بل يتهم وبكل غباء كل من يبرز الحقائق بأنه يتصيد الأخطاء ليستغلها ضده وضد حكمه الدموي، وهو يعلم في قرارة نفسه أن العالم أجمع بات على يقين بأن بشار الأسد شخص اجتمع فيه بطش كرومر وحماقة نيرون.