في 16 سبتمبر سيعقد الاتحاد الأوروبي أول قمة له منذ أن صوتت بريطانيا في يونيو الماضي بالانسحاب من الاتحاد. وعلى الرغم من أن عدد القادة في الاجتماع سينقص واحدا فقط (من 28 إلى 27)، إلا أن فقدان لاعب كبير مثل بريطانيا -واحتمال فقدان مزيد من الدول الأعضاء- يمثل أزمة إضافية لهوية الكتلة الأوروبية. ولهذا ينبغي أن تكون القمة بمثابة لحظة لخلق شعور أكبر لقيمة الاتحاد الأوروبي، تمثل تمسكه بالمبادئ المشتركة أكثر من تمسكه بالازدهار المشترك.
ونأمل أن تكون أزمة "بركسيت" هي الأخيرة للاتحاد الأوروبي الذي اهتزت وحدته السياسية في السنوات الأخيرة بموجة الهجرة، والعدوان الروسي، وانهيار الاقتصاد اليوناني، وتذبذب قيمة اليورو، العملة الأوروبية الموحدة، وسلسلة من الهجمات الإرهابية التي أثارت مخاوف الغرب. وعلى المسرح العالمي تشعر أوروبا بالضعف أمام الصين الصاعدة وعودة ازدهار الاقتصاد الأميركي.
ووفقا لاستطلاع للرأي أجري في مايو الماضي فإن الاتحاد الأوروبي لا يزال لديه قاعدة متينة من الوحدة التي يمكن البناء عليها، حيث إن ثلثي الأوروبيين يعتبرون أنفسهم مواطنين منضويين تحت لواء الاتحاد الأوروبي، وثقتهم في الاتحاد الأوروبي أعلى من ثقتهم في معظم الحكومات الوطنية، ويعتبرون الاتحاد الأوروبي مكملا لهويتهم الوطنية، وليس هناك بديل لذلك.
ويجب أن تركز الوحدة الأوروبية أكثر على القرب الجغرافي والثقافات المتداخلة، والمصالح المشتركة حول مواضيع مثل الطاقة والتكنولوجيا. ويتعيَّن على الاتحاد الأوروبي الاعتراف بأن تأسيسه كان يستند إلى حد كبير على الخوف من الأعمال الوحشية والتسلط الذي شهدته أوروبا خلال معظم سنوات القرن الـ20.
وبالطبع فإن الهوية المبنية على أساس الخوف الجماعي من تكرار الماضي ليست دائماً خارطة طريق واضحة للمستقبل. فالكثير من المفكرين الأوروبيين يسعون الآن إلى إعادة تعريف هوية الاتحاد الأوروبي.
نشر الكاتب البريطاني ستيفن جرين كتابا عن الهوية الأوروبية يقول فيه: يتفق الأوروبيون في نظرتهم للمجتمع الذي يشجع الإبداع الفردي، ويحمي الضعفاء والمهمشين، وأن يكون مجتمعا مفتوحا للتفاعل مع الثقافات الأخرى.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: إن بركسيت مثلت "كسرا عميقا" في تاريخ الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي: يجب على الاتحاد الآن أن يكتب صفحة جديدة لمستقبله. فالمواطنون بحاجة إلى رؤية سياسية تقوم على القيم التي تربط كل دول الاتحاد الأوروبي ببعضها البعض وبنظام حُكم يكون أقرب إلى الناس.
لم يعُد من الممكن للاتحاد الأوروبي مجرد العمل على راحة مواطنيه أو العمل فقط ليكون حصناً منيعاً ضد أعدائه القدماء. يجب أن تركز هوية الاتحاد على القيم المرتبطة بمحبة القارة بأكملها وبصورة دائمة.