يتعرض المجتمع الكندي لحملة تشجع على التطرف ونشر ثقافة الموت، وتحرض على الانضمام إلى داعش والقتال في سورية، من خلال تحركات تتبناها بعض الجماعات التي تسيطر على عدد من المساجد المنتشرة في كندا، والتي تزعم انتماءها إلى الإسلام، أبرزها اتحاد مسلمي كندا، والمجلس الوطني لمسلمي كندا، وهيئة الإغاثة الإسلامية الكندية، وحزب التحرير الإسلامي، على الصعيد ذاته ينشط تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، في محاولة لتغيير طبيعة الكنديين بالتدريج من خلال غزو مؤسسات الدولة والجامعات والأحزاب والبرلمان والقضاء.

 








رصد الباحث المصري سعيد شعيب، بمعاونة الباحث الكندي توماس كويجن خريطة تفريخ التشدد الإسلامي في كندا، ممثلة في هيمنة تيارات معينة على مراكز ثقافية ومساجد ومدارس، مستغلة واقع الديموقراطية والمجتمعات المفتوحة الموجود هناك، وعدم خبرة المجتمع الكندي بهذه التيارات وأساليبها وغياب الخطاب الإسلامي المنفتح والمعتدل إلى حد كبير من على الساحة هناك، كاشفا ذلك في كتابه "عشاق الموت".

تحريض على التطرف

يقول شعيب، في تصريحات إلى "الوطن" إن عنوان كتابه هو اقتباس حرفي من إحدى خطب أئمة مساجد تورنتو، والأكثر إثارة هو أن مناسبة إلقاء هذه الخطبة هو تحريض هذا الشيخ لشباب كندا على السفر إلى سورية والانضمام إلى داعش، مؤكدا لهم أن المسلمين هم عشاق الموت الحقيقيين، وأنه يجب عليهم ألا يخشون الموت في القتال لأن القتل يعنى الاستشهاد والاستشهاد يعني الجنة والجنة تعنى أن تجد آلاف من حور العين في خدمتك الجسدية والروحية، وهو الأمر الذي أتى بثماره وأوجد هناك شبابا كنديا في صفوف داعش".

ويضيف شعيب، "الكتاب ليس موجها ضد الإسلام والسلمين، وإنما ضد التطرف وسعيا لتجفيف منابعه، حيث يرصد تفاصيل الحالة السلبية التي يواجه بها الساسة والمسؤولون الكنديون هذا الواقع الخطر المتنامي، ومنها تصريح السيناتور جرايف ميتشل عندما أبرز له مواطن كندي تصريحا لمؤسس الإخوان حسن البنا يحبذ فيه العنف، حيث رد عليه قائلا "لكن حسن البنا لا يعيش هنا، ما سمح بوجود واسع لفكر التطرف التكفيري داخل مساجد كندا، فضلا عن احتواء مكتبات المساجد هناك على مجموعات هائلة من الكتب الإسلامية المتطرفة، التي تمثل الأرضية الفكرية التي تنطلق منها داعش وأمثالها".

رصد كتب مشبوهة

ويشير شعيب إلى أن "السيناتور لورينزو فيديهيو أدلى بشهادة أمام البرلمان الكندي، أكد فيها أن هناك من ست إلى ثماني مجموعات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تلعب في الساحة الكندية، حيث تلعب دورا كواجهة أمامية للجماعة تنفذ مخططاتها، ومن أبرز هذه المجموعات اتحاد مسلمي كندا، والمجلس الوطني لمسلمي كندا، وهيئة الإغاثة الإسلامية الكندية، كما أن الجماعة سيطرت بالكامل على بعض المساجد، حتى أن هناك أئمة أعلنوا صراحة انتماءهم لنهج الإخوان، كما أن هناك مجموعات إسلامية أخرى عديدة، مثل حزب التحرير الإسلامي، وما شابه.

وقال إنه رصد واقعيا وميدانيا في 4 مساجد كبرى في اوتاوا تضم في مكتباتها كتبا متطرفة، منها كتاب زعيم تنظيم القاعدة السابق أيمن الظواهري "فرسان تحت أعلام النبي"، وهو الكتاب الذي تأثر به أبوبكر البغدادي، ومؤسس الحركة الإسلامية بنيجيريا إبراهيم زكزاكي، وزعيم بوكو حرام محمد يوسف، حيث أخفت التيارات الإسلامية المتشددة تطلعاتها الإرهابية قدرا من الوقت حتى توغلت في مؤسسات الدولة الحكومية والمدنية ثم وفرت غطاء سياسيا لهذا التطرف عن طريق استخدام فزاعة الإسلاموفوبيا، التي يشهرونها في وجه كل من يعترض على هذا التوغل الخطير.

سياسة التنظيم

يرى شعيب أن "تنظيم الإخوان كان من أكبر التيارات التي استغلت التسامح الكندي تجاه حركات الإسلام السياسي، حيث عملوا على غزو مؤسسات الدولة والجامعات والأحزاب والبرلمان والقضاء بكندا، لتغيير طريقة الحياة الكندية بالتدريج، الذي اختطه حسن البنا، وهو تغيير الفرد، فالأسرة، فالمجتمع، فالدولة، تمهيدا لإقامة الخلافة العالمية، وفي هذا خاضت مجموعات الإخوان الأمامية معركة ضخمة هي معركة تطبيق الشريعة في اوتاوا من 2003 إلى 2006، ما يعد بروفة مصغرة لهجمة شامله قادمة".

ويشدد شعيب على أن "مدخل المشكلة وجوهرها هو القراءة الحرفية للنصوص الدينية والتاريخية، وليس هناك مثل على ذلك أكثر من تصور الانتحاري لمهمته بأنها طريق للشهادة والتمتع بالحور العين في الجنة، وهو استنتاج غير دقيق إذا ما تمت إعادة القراءة للنص وسياقاتها، وتفهم معاني ألفاظ القرآن الكريم بدقة في ظل الكتابات العلمية المتعمقة والبحوث اللغوية في أصول الألفاظ السيريانية".