العنوان أعلاه هو عبارةٌ تستقبل زوار شواطئ Sunshine Coast الخلابة. هذه العبارة هي جزء من حملة دائمة للحفاظ على الشواطئ الأسترالية نظيفة.

في الحقيقة، أغلب المواقع السياحية والمحميات في أستراليا لا توجد فيها حتى أماكن لوضع النفايات، لكن هناك دائما لوحة تذكّر الزائر بجمع نفاياته وأخذها معه، وتنصحه بألا يترك في المكان إلا ذكرياته! وببنطٍ أصغر على هذه اللوحة نفسها تذكير لطيف بوجود غرامة مالية في حال المخالفة.

أخبرتني صديقة أسترالية أن هذا البلد القارة لم يكن بهذه النظافة دائما، بل إن الحكومة فعّلت حملة على مدى سنوات، للتوعية بأهمية الحفاظ على نظافة البيئة، وتلاها إقرار عقوبات وغرامات مؤلمة للجيوب في حال المخالفة، مما أدّى إلى تحسين مستوى النظافة وحماية الطبيعة.

تذكرت هذه التفاصيل وأنا أطالع كغيري رسالة النادي الإنجليزي لجيرانه بعد السوبر اللندني الشهير، والتي اعتذر فيها النادي لجيرانه عن الفوضى التي لحقت بالحي إثر المباراة، وعرض فيها على الجيران تذاكر مجانية لبعض المباريات.

لقد ترك الجماهير على ما يبدو ما لا يجدر بهم تركه بعد مغادرتهم المكان! فالنفايات في الملعب وفي الشوارع حوله لم تقتصر على أعقاب السجائر وعلب المياه والعصير، بل ترك البعض حتى شعارات الأندية والأعلام!، لا أظن أن كل من حضروا مباراة السوبر كانوا عاجزين جسديا عن وضع نفاياتهم في كيس ورميها في مكانها المخصص، لكن العجز الحقيقي تمثل في إدراكهم حقيقتين مهمتين: أولا، مدى تأثير تصرفاتهم كضيوف على الصورة الذهنية للوطن الذي يحملون جنسيته، وثانيا: لدائرة المسؤولية الاجتماعية والأثر الهام لتصرفات كل شخص على محيطه وبيئته.

الحقيقة التي لا ننكرها، أن ما فعلته الجماهير في الملعب هو امتداد لما يحدث في متنزهاتنا البرية وحدائقنا وشوارعنا وأغلب مرافقنا العامة، فما يحصل في شواطئنا شرقا أو غربا على سبيل المثال مؤشر قوي على أن ضَعف التوعية وغياب المراقبة والمحاسبة أدى إلى الفوضى وأغرق هده الشواطئ بالمخلفات.

أما وقد أدركنا التحدي، فالحل من وجهة نظري يبدأ بنا؛ وأسهل طريقة لذلك هي أن نعلِّم أبناءنا أهمية أن يتركوا المكان دائما أفضل مما كان، ويفكروا في الآخرين!

وغنيٌ عن القول، إن غرس هذه المفاهيم في الصغر يجعل الالتزام بها بل وتمريرها للأقران أسهل فيما بعد.

يلزمنا كذلك العمل على نشر ثقافة إماطة الأذى عن الطريق، من خلال العمل التطوعي والأنشطة اللامنهجية في المدارس، وفي ذلك تطبيق عملي لسنّة نبوية يلتزم بها الغرب ونغفل عنها مع الأسف.

فعلى سبيل المثال، تنظم المدارس الأسترالية يوما سنويا يبادر فيه الطلاب بالمشاركة مع معلميهم وممثلي الحي إلى تنظيف الحدائق العامة في أحيائهم أو شواطئهم.

من المهم أيضا فرض الغرامات على المخالفين خلال شرطة بيئية تسجِّل المخالفة وتغرِّم المخالِف بشكل فوري، مثلما يحدث في الدول الأخرى. علينا أيضا استحداث نظام آلي لرصد تكرار هذه المخالفات البيئية من الأشخاص اللامبالين، وربطها بترقياتهم وفرصهم الوظيفية، قياسا على السُّنة الحسنة لأرامكو، والتي تركت أثرا إيجابيا في الحد من المخالفات المرورية لمنسوبيها كما نعرف.

الخلاصة، أن من حقنا وحق الآخرين أن ننعم ببيئة نظيفة، تخلو من النفايات في وطننا، وكل ما علينا فعله لحماية هذا الحق هو استشعار المسؤولية وحمايتها بقوة القانون، وبسطوة النظام الذي لا ينبغي أن يستثني أحدا.