كل انتقاد ممكن قبوله، إلا أن تنتقد المجتمع ومشاكله من رأس جبل.. وتحدد لهم ما يصلح وما لا يصلح.. ما يناسبهم، وما لا يناسبهم!
ولو أن الإنسان قدّم انتقاده ومضى دون وصاية، كان أفضل من أن يسخر كل أدواته للتشنيع على الآخرين فقط لعدم سيرهم تبعًا لقناعاته!
أتحدث عن الانتقادات الجارحة التي طالت بعض "المهرجانات السياحية" التي تقام في محافظات بلادنا، وتستهدف الأسر ذات الدخل المحدود، أو تلك التي تمنعها ظروفها من السفر، أو لا تستطيعه لسبب أو لآخر..
هل يعرف هؤلاء المنتقدون "السعوديين" الذين نعرفهم، ونعرف ظروفهم الاقتصادية، ومعاناتهم، وهمومهم، ومشاكلهم، وآلامهم، وأقصى طموحاتهم، وأحلامهم، أم هم يتحدثون عن مجتمع آخر.. عن سعوديين آخرين لا نعرفهم!
هل يتحدثون عن بيئة نعرفها، وأنظمة نفهمها، وتجارب واعدة نراقبها، ومحاولات نترقبها، أم يتحدثون عن واقع لا نراه!
المنظمون لهذه المهرجانات أيها السادة، يعملون وفقًا لإمكاناتهم.. تبعًا لمقدرتهم المالية.. تماشيًا - وهذا المهم - مع الأنظمة والقوانين التي نعرفها ويعرفونها!
إن قفز المنظمون على موانع النظام وقعوا في محاذير شرعية سائدة في البلد..!
نعم، أقولها مرتين وثلاثا، يستطيع هؤلاء المنظمون أن يقدموا لكم شيئًا مذهلًا.. يستطيعون أن يقيموا مهرجانات مبهرة تُضاهي مهرجانات دول الخليج بأسرها.. لكن - بشرط - لا تحاصروهم: هذا ممنوع.. هذا حرام .. هذا يجوز.. هذا لا يجوز.. هذا مناسب لعاداتنا.. هذا غير مناسب لتقاليدنا!
تضيق عليهم الدائرة.. وحينما يجتهدون في رسم البسمة والمرح تبعًا للسائد والمتاح .. تبعا لإمكاناتهم، تنطلق عليهم سهام النقد من أناس يقضون إجازاتهم خارج البلاد!
من أبلغ ما قالت العرب البيت الشهير: وعينُ الرضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ.. ولكن عين السخط تُبْدي المساوِيَا"!