انتهت النسخة العاشرة من سوق عكاظ هذا العام بنكهة مختلفة ودعوة غير معتادة أحياها أمير الثقافة وشاعر الكلمة المرهف خالد الفيصل. إنها عكاظ التي رمَزت إلى العروبة في شعرها وعظماء التاريخ الذي تجسد في السوق عبر مسرحيات وأمسيات وندوات تناوب عليها كبار الشعراء والنخب من المثقفين، وسعدت بها جنبات الطائف والهدى وقاعات الإنتركونتننتال.
جاء البرنامج المعَّد ناجحاً بكل مقاييس النجاح منذ لحظة الاستقبال حتى مضت أيام المهرجان وغادر المثقفون عبر المنافذ الجوية سواء كانوا من داخل المملكة أو خارجها، ولقد وفُقتْ اللجنة المنظمة بإعداد هذا البرنامج ومضت أيامه ولياليه في ليال أنيسةٍ اسْتمتع بها الضيوف والجمهور، وأضافت سوقاً استثمارية للطائف وأهلها على مر سنوات السوق العشر. وقد أفلحت هيئة السياحة في أن تغتنم هذه السوق لتُحسّن من مستوى الخدمة السياحية التي طالما انتظرها زوار الطائف على مدى عقود من الزمن، حتى أضيفت هذه الخدمة الرائعة بتحسين الخدمات واستغلال المناسبة لتكون نهضة سياحية ووجهة جديدة يختارها السعوديون والخليجيون والعرب، يتَسَاَمر فيها كل زائر لسوق عكاظ، هذا المرفأ الجديد لحضارة عربية عريقة بدأ الناسُ يتذكرون فيها مجدهم وأجدادهم وحضارتهم، ويستحضرون الإبداع وعراقة الفنون.
ومما زاد جماليات عكاظ هذا العام هذه الندوة الرائدة التي تحدث فيها الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة العليا للسوق الذي تقاسم فيه الحوار مَع معالي وزير الثقافة والإعلام، والحوار الصحفي الذي أوضح فيه كثيراً من أمور الثقافة والشأن الإعلامي. لقد أبدع الفيصل في سرد احتياجات منتدى عكاظ وتلمس ما ينقص من جمالياته، ونحن في كل عام نجد الجديد ونعيش فيه مع الإبداع، لأن رجل الإبداع يحضر بنفسه وجمَّل هذا كله كلمات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله إلى سمو الأمير خالد الفيصل الذي أثنى على المناسبة ووعد بدعمها والاستمرار فيها، لأن سوق عكاظ من أهم أسواق العرب وأشهرها على الإطلاق. لقد أجاد الفيصل ومن حضر ندوته الشهيرة التي نقل فيها أن الجديد قادم في كل عام وأن دعم ملتقى الشعراء والأدباء والمثقفين بشتى أنواعهم قائم، تجمعهم العروبة في أشهر أسواقها، وتنوعت مشاريع السوق التراثية إلى فن الخطابة والعروض المسرحية وقوافل الإبل والفنون الشعبية والصناعات اليدوية والخيمة العكاظية والسوق الشعبية.. لترسم نكهة أثرية وتراثية مغايرة لما يحدث كل عام، وهو فرصة لإقامة المعارض والمشاركة فيها من الجهات الحكومية مثل معرض وزارة الثقافة والإعلام ووكالة الأنباء السعودية والشركات المساهمة في فعاليات السوق كل حسب تخصصه.
إن سوق عكاظ فرصة للالتقاء بالكتّاب، وأعتقد أن فكرة معرض كتاب يقام على هامش السوق قد تكون نافعة وجاذبة لهواة الكتب والمؤلفين.
عكاظ اليوم يتجدد بشباب متحمس وعطاء مستمر يقوده الفيصل ورجاله في اللجنة المنظمة للسوق وكل من يجد ضالته فيه، وقد حظيت شرائح المجتمع بكافة مشاربه بأن مشاريع عكاظ هذا العام كانت ملبية لتطلعات النخب في المجتمع، نساءً ورجالا. وقبل أن أنهي إعجابي بهذا التلون الجمالي لعكاظ دعوني أرسل تحية شكر للفيصل على نَفس العطاء والاستمرار، وللطريفي بوركت مجهوداتكم في الرؤية، ولصناع الكلمة وعشاق السوق أنتم أمام رحلة عطاء مستمرة يقودها سلمان والمحمدان لتقدم ثقافة وحراكاً يتنامى كل عام. والله في عونكم أيها المخلصون من رجالات هذا البلد، ودمت سامقاً عكاظ التراث والشعر والإبداع على كافة صوره وأشكاله، ودمتم يا طائف المحبة ملتقى الجميع.