أعتقد أن من يقرأ لي يعرف موضوع أريج العبيري وقضيتها مع تعليم جدة.
في الحقيقة، تلقت أريج اتصالا من مدير التعليم الأستاذ عبدالله الثقفي، واستلم بنفسه ملف خبراتها، لكن الإجازة المدرسية قطعت التواصل، ولعلها تجد لديه نصرا لخبراتها وقدراتها، وهو ما نعهده منه كقائد تربوي يطمح بالارتقاء بإدارته، ويبحث دائما كما علمت منه عن الكفاءات التي تستحق ثقته، وجدارة أن تكون في فريقه.
اليوم أكتب شيئا آخر عن أريج، إنجاز رائع وعظيم، فرغم أني أعرف أنها من تلك النوعيات من البشر، والتي لا توقفها تلك التعاملات الرسمية عن أداء وظيفتها كمعلمة أولا، لكن ما فعلته هذا الصيف أدهشني.
إنه عمل لأجل كائنات صغيرة، ربما عبرت أمام أعيننا آلاف المرات، ولم ندرك واجبنا نحوها، وأعني به أولئك الصغار الذين يطرقون نوافذ سياراتنا في جدة، يبيعون المناديل، أو يقضون وقتهم في الشوارع أمام منازلهم، من أطفال المقيمين الذين لم تسعفهم ظروفهم في اقتناص فرصة التعليم، ومعظمهم بل كلهم ولدوا في السعودية أي هم أبناؤنا بطريقة أو أخرى.
لقد قررت أريج وزملاؤها في جمعية اكتفاء وسفراء التطوع، إصلاحَ خطأ التجاهل وتقديم مبادرة لنتعلم معا في مدينة جدة لهؤلاء الأطفال، بالتعاون مع وزارة العمل والخدمة الاجتماعية عبر تعليمهم القراءة والرياضيات والدين.
تقول أريج، إن رؤية 2030 ألهمتها هذه المبادرة، وأقول: لو أننا كلنا مثل أريج لتحققت الرؤية في أيام لا في سنين.
مبادرة أريج تزامنت معرفتي بها مع ظهور الهاشتاق الذي يتحدث عما قاله وزير التعليم للخريجين: "توجهوا إلى بنك التسليف".
في الحقيقة، أصل المشكلة يعود لأن وزارة التعليم تأخرت في تقديم الاحتياج، وهو خطأ الخدمة المدنية، كان يجب أن تخبر الوزارة أن تقديم الاحتياج سيعقد لأجله مؤتمر، وستكون هناك فلاشات وأضواء وربما "مفطحات"، عندها سيقوم موظفو الوزارة بأداء عملهم وتقديمه في الوقت المناسب للموظفين في الخدمة المدنية، لتقديم الوظائف للشباب الذين يحلمون باليوم الذي لا يقبضون مصروفهم من آبائهم، ويبدؤون في إنشاء مستقبلهم.
ما قاله الوزير لهؤلاء الشباب فكرة جيدة، لكن الشباب ينتظرون أن يكونوا موظفين في الوزارة، لا أن يقفوا على بابها بملفاتهم الخضراء، ثم يقال لهم: اتسلفوا لتبنوا مستقبلا لم تخططوا له.
إن مثل هذه الأفكار مهام الكتاب والأدباء والصحفيين وأولياء الأمور والأصدقاء، بينما وظيفته هو أن يوفر الاحتياج ويتقدم للوزارة بالأرقام، ويخبر هؤلاء الشباب أن مهمته انتهت، وهو مثلهم ينتظرهم زملاء يخففون هذا الضغط على المعلمين الذين تجاوز نصاب بعضهم المقرر في يوم دراسي قصير، المفترض أن يقسم بين حصص يقفون أمام تلاميذهم فيها وحصص مكتبية يعدون دروس اليوم القادم، وليس يوما كاملا مرهقا ينتهي بحمل العمل للمنزل على حساب أسرهم وأطفالهم.
في الواقع، تجاهل الوزارة للاحتياج قضية كبيرة، ربما هي ما دفع المعلمين إلى التقاعد المبكر، وهي مشكلة أخرى تواجهها الوزارة، وانتظروا عاما دراسيا حافلا بالشكاوى، إذا لم يتم تدارك الأمر الآن، وفي هذه اللحظة.