الأخ "محمد يعن الله"، من قدامى المعلقين المحترمين في موقع صحيفة الوطن، غالبا ما تثري تعليقاته المقالات، بل وأحيانا تستكمل ما لم تسمح به المساحة، أو ما لم يرغب الكاتب في الإشارة إليه!

تساءلت، عقب القرارات المهمة لمجلس الوزراء الموقر حيال تنظيم جدول المخالفات المرورية، متى آخر مرة رأيتم رجل مرور في الشارع؟

وهو تساؤل قديم على أي حال. فطالما أن الحالة المرورية تزداد ترديا، ونعيش في بلد تحتل -بلغة الأرقام- المرتبة الأولى في وفيات الحوادث عالميا، يصبح من المنطق التساؤل عن سر غياب الرجل الأول المعني بها!

فاجأني الأخ "يعن الله" بتعليق له في موقع الصحيفة على ذلك المقال يقول فيه: "أيها المبجل: لعلك زرت دولا مجاورة، فهل رأيت رجل مرور في أي شارع من تلك الدول؟ أعتقد أنك لم ترَ لأني ما رأيت. حقيقةً، من العيب ونحن في هذه الثورة التقنية والمعلوماتية وترقب الرؤية "2030" أن نطالب برجل مرور في الشارع كي ينظمنا. الدول المجاورة الخليجية والدول المتحضرة ينظمون أنفسهم في الشارع وسواه بعيدا عن رجل المرور!".

وللأخ "يعن الله"، ولغيره من الذين لا يرون ضرورة لوجود رجل المرور في الشارع أقول لهم: نحن معكم. لا نريد أي وجود لرجل المرور في الشارع. وليس هناك أحد في العالم كله يريد رؤية رجل المرور. كثيرون قادرون على تسيير حياتهم وحركتهم بيسر وسلاسة. 

لكن -وهذا ما قفز عليه الأخ يعن الله- الوصول بالمجتمع إلى هذه الدرجة من الوعي يحتاج زمنا طويلا، ولا يمكن اختصاره إلا بتشديد العقوبات على المخالفين، وحينما نصل إلى درجة الانضباط التام، سأقف معه مطالبا ليس بخروج رجل المرور من الشارع، بل سأطالب بإلغاء الجهاز برمّته، كما فعلت دول كثيرة يعدّها الأخ "يعن الله" مضرب مثل ومسطرة قياس دون أن يسأل نفسه: كيف وصل هؤلاء إلى هذه المرحلة من الانضباطية؟!

تتوقع دراسة استقصائية نفذتها شركة أرامكو السعودية قبل مدة، أن يصل عدد حالات الوفاة الناتجة عن الحوادث المرورية في المملكة عام 2019 إلى 9604 وفيات!.. هل تدركون معنى ذلك؟

بقيت رسالة لأخي "يعن الله". التوعية لها مؤسساتها الخاصة بها. لها منابرها و"مايكروفوناتها". المطلوب من رجل المرور أن ينزل إلى الشارع. وكن على ثقة أن المخالف حينما يرتكب مخالفته ويُعرّض الآخرين للخطر يعلم أنه يرتكب ما يستوجب العقاب. ما المبرر إذن أن نستهلك المال والجهد والوقت في توضيح الواضحات؟!