أكدت دراسة أكاديمية أجرتها جامعة الملك عبدالعزيز، أنه بالرغم من وجود جوانب سلبية وتحديات تواجه قطاع التعليم، إلا أن هناك إمكانية لتحقيق التوافق ما بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. واكتشفت الدراسة أن هناك نحو 7 تحديات تعرقل المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وهي: أن عددا كبيرا من المعلمين لا يمتلكون المؤهلات الكافية، إضافة إلى بطالة الكثير من الشباب السعودي، وضعف توظيف المرأة، ووجود فجوة بين نظامي التعليم والعمل، ونقص القوى العاملة في بعض التخصصات، والحاجة إلى تطوير المناهج والمعلمين، وعدم إشراك القطاع الخاص في تجويد التعليم.




أولوية حكومية

ذكرت الدراسة أن التركيز على توافق مخرجات التعليم مع احتياج سوق العمل السعودي أصبح أولوية أساسية لحكومة المملكة، فعمل مسؤولو الدولة بشكل مستمر على تحويل الثروة النفطية إلى طاقات بشرية، حيث أن الطريقة الأكثر فاعلية لتحقيق الأهداف هي من خلال الفرص التعليمية المحسنة، وإنتاجية عمل السكان المحليين. وقالت الدراسة إنه نتيجة لذلك فمن المتوقع وجود إمكانية لتحويل المجتمع السعودي بشكل فعال كي يعكس التوجهات الرئيسية للتعليم، واحتياج سوق العمل، إضافة لذلك فإن نتائج هذه الدراسة قد تعطي أفكارا مهمة حول تحديد سوق العمل المحلي من المنظور العالمي.


النتائج

تم الحصول على نتائج هامة بناء على الاستبيانات التي أعطيت لعينة مكونة من 350 متخصصا، يعملون في قطاع التعليم السعودي. وأجاب معظم المشاركين على أسئلة الاستبيانات بالكامل. وأشار حوالي 45% منهم إلى أن نظام التعليم السعودي نظام تنافسي ومطور بشكل جيد بحيث يلبي جميع احتياجات المجتمع المحلي، إضافةً إلى ذلك تم التأكد من أن المشاركين شعروا بالثقة الكافية للإجابة على الأسئلة الموجودة في الاستبيان، وذلك لأنهم يمتلكون المعرفة الكافية بقطاع التعليم في السعودية. فيما أشار 10% من المشاركين إلى أنه تم تجاهل نظام التعليم السعودي على الصعيدين العالمي والمحلي، ونتيجة لذلك اعتبروا أن جانبا مثل هذا يعد عقبة كبيرة في قطاع التعليم السعودي. وأكد حوالي 20% من هذه العينة، أن الدور الذي يلعبه التدريس في تنمية المملكة من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية هو دور ضخم، مشيرين إلى أن نظام التعليم المصمم بشكل ملائم في السعودية لم يكن موجودا حتى في فترة العشرينات، الأمر الذي يشير إلى الصعوبات التي واجهت قطاع التعليم.





معلمون غير مؤهلين

بناء على النتائج التي تم الحصول عليها من الاستبيانات، تم استنتاج أن المدارس الحكومية في السعودية توسعت بشكل كبير مع مرور الوقت مما يعكس ضرورة ضم قيم ومبادئ التعليم الحديث المهمة، مع الأخذ في الاعتبار ضم الطلبة الموهوبين ضمن قوى الدولة العاملة. ولكن الدراسة اكتشفت أيضا أن عددا كبيرا من المعلمين لا يمتلكون المؤهلات الكافية، الأمر الذي يشكل تحديا آخرا، لابد من معالجته في قطاع التعليم.

وأكدت الدراسة أنه لا يمكن إنكار أن التعليم توسع بالتدريج في المملكة، الأمر الذي ساعد على تأسيس نظام تعليمي يتسم بالقبول الكافي، وأن تلبية احتياجات المجتمع السعودي كانت الجانب الرائد للمعلمين المحليين، حيث أولوا اهتماما بتطبيق الاستراتيجيات الفعالة من أجل تحقيق التوافق ما بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل السعودي، نظرا لأن هدف نظام التعليم السعودي هو المساهمة في التنمية الاقتصادية للدولة.


فجوة

كشفت الدراسة عن أمر آخر اتضح من إجابات المشاركين في الاستبيان، وهو الفجوة ما بين نظام التعليم وسوق العمل في السعودية، حيث أكد معظم المشاركين على أهمية اتحاد التعليم مع احتياج سوق العمل. وقالوا إن هذا الجانب مرتبط بتنمية القوى العاملة، داعين إلى مواءمة نظام التعليم لاحتياجات سوق العمل، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة للدولة. وذكرت الدراسة أن ارتفاع معدل البطالة يزيد من الضغوطات على المعلمين السعوديين في تأهيل الطلبة، كي يكونوا مستعدين لسوق العمل المحلي، ففي السعودية يفوق معدل بطالة الإناث معدل بطالة الذكور، الأمر الذي يطرح التساؤل حيال المساواة بين الجنسين في التعليم. وأشار بعض المشاركين إلى الحاجة لتبني معايير معينة من أجل تحسين سياسات التعليم وسياسات العمل الحالية في المملكة.


ضعف توظيف النساء

أوضحت الدراسة أن مشاركة المرأة المحدودة في قوى الدولة العاملة لوحظت كونها مشكلة كبيرة تستوجب معالجتها من قبل السلطات التعليمية. وأظهرت نتائج الدراسة أن مشاركة المرأة المحدودة في قوى الدولة العاملة أمر مبني على الممارسات الثقافية والبنية الاجتماعية للدولة، حيث أنه لا يتم تشجيع النساء على الحصول على فرص وظيفية ليس فقط في السعودية، وإنما في الشرق الأوسط كاملا، وهذا الأمر ينطبق على كل من القطاعين الخاص والحكومي. وذكرت الدراسة أنه بالرغم من محاولات الدولة إيجاد فرص وظيفية أكثر للمرأة إلا أن الواقع مختلف تماما، حيث أن المعدل المنخفض الحالي، هو معدل توظيف المرأة السعودية.


بطالة الشباب

تبين من خلال الدراسة وجود مشكلة أخرى هي بطالة الشباب السعودي، معتبرة أنها مشكلة معقدة جدا، بسبب اختلال التوازن ما بين السعوديين والمقيمين، لذلك فقد أعرب المشاركون عن آمالهم في أن تعالج الدولة مشكلة بطالة الشباب عن طريق مساعدة المزيد من السعوديين على الانخراط في سوق عمل القطاع الخاص، ذلك لأن تحقيق هدف توطين القوى العاملة قد يساعد الدولة على تحقيق التوافق ما بين مخرجات التعليم واحتياج سوق العمل السعودي. وذكرت الدراسة أن هناك تخصصات كثيرة تواجه مشكلة نقص القوى العاملة مثل الهندسة والعلوم والتكنولوجيا وتقنية المعلومات، ووفقا لمعظم المشاركين، فإن هذا الأمر يمنع الدولة من تنمية أنظمة التعليم والعمل على حد سواء.

وأشارت الدراسة إلى أن تطوير تعليم المرأة يعد معيارا أساسياً لبناء اقتصاد مستند على المعرفة، مؤكدة أن تغيير وتطوير المناهج قد يزيد من فاعلية نظام التعليم، وفقا لاجابات المشاركين. كما أشارت الدراسة إلى أن المعلمين الأجانب في السعودية يفضلون المعاهد الخاصة.


مقترحات

قدمت الدراسة عددا من المقترحات أبرزها:

1- توطين مختلف القطاعات والمهن الأمر الذي بدأ وزير العمل والتنمية الاجتماعية تنفيذه بالفعل مؤخرا

2- وضع بعض الحوافز المالية للشباب السعودي من أجل تحسين تعليمهم، وإتقان المهارات المهمة التي قد يطبقونها في مهنهم المستقبلية

3- قيام الحكومة بعملية إصلاح لنظام التعليم والتركيز على جودة التعليم والمهارات المهنية للمعلمين

4- مساعدة الطلبة على أن يصبحوا حريصين على تعلم الأساليب المناسبة بدلا من تشجيعهم فقط على الحصول على وظائف

5- إعادة صياغة المفاهيم لمؤهلات سوق العمل

6- ترسيخ الأسس الثابتة للتعليم ما بين الطلبة المحليين




تطوير المعلمين

أكد المشاركون في الاستبيان على الحاجة إلى تطوير المعلمين، الأمر الذي يعتبر وسيلة من أجل تحقيق التوافق ما بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، أي أن تطوير قطاع التعليم يعتمد على المعلمين، مما يؤكد الحاجة إلى توظيف معلمين أكفاء. كما أشارت الاجابات بخصوص عدم توافق المهارات إلى أن على الدولة أن تهتم أكثر بتنمية المهارات الأكاديمية والحياتية لدى الطلبة السعوديين.

وأوضح المشاركون أنه يمكن تطوير سوق العمل عن طريق إشراك أصحاب العمل في الإشراف على جودة التعليم، حيث كانوا مهتمين ببناء علاقة فعالة ما بين معاهد التعليم العالي في المملكة وأصحاب العمل، مؤكدين أن النتيجة ستكون "نظام تعليم أفضل ومتوافق مع احتياجات سوق العمل". كما أن اعتماد سياسة التعاون ما بين الجامعة وسوق العمل قد يؤدي إلى تطورات على المدى البعيد للنظام.




التحديات السبعة

1- وجود معلمين لا يمتلكون المؤهلات الكافية

2- بطالة الكثير من الشباب السعودي

3- ضعف الفرص الوظيفة أمام المرأة

4- وجود فجوة بين نظامي التعليم والعمل

5- نقص القوى العاملة في بعض التخصصات

6- الحاجة إلى تطوير المناهج والمعلمين

7- عدم إشراك القطاع الخاص في تجويد التعليم