تكللت جهود "الوطن" وعدد من أهالي حي النزهة بمكة المكرمة في نقل حاج نيجيري إلى مشعر عرفات مساء أول من أمس، وذلك بعد أن غادرت البعثة النيجيرية مشعر منى متوجهة إلى عرفات، تاركة هذا الحاج هائما على وجهه، يجوب شوارع البقاع الطاهرة.
حب ورعاية
الحاج النيجيري ماير يجا "60 عاما" غلبته الدموع فلم يستطع حبسها، داعيا الله ألا يحرم هذه البلاد ومواطنيها الأجر والمثوبة، مثمنا الحب والرعاية التي وجدها من قبل الأهالي وصحيفة "الوطن"، حتى وصوله إلى المشعر الحرام، وذلك بعد أن تسابق الأهالي لتقديم كافة الخدمات والعون له منذ أن اكتشفوا أن بعثة بلاده تركته وحيدا، مقدمين له الوجبات الغذائية والمياه المعدنية والعصائر.
"الوطن" رصدت الحالة التي شهدها حي النزهة بجوار مسجد الكويتي، واتصلت على مركز العمليات الأمنية الموحدة 911 ، فوجه بالاتصال على مركز القيادة والسيطرة لأمن الحج 987. كما تم الاتصال على الأرقام الموجودة على بطاقة الحاج النيجيري، وكذلك على أحد جوالات بعثة بلاده، وتم شرح الأمر لهم، إلا أن مستقبل الاتصال قال "أنا في عرفة، ومن ثم أغلق الهاتف".
تطوع الأهالي
وبعد كل تلك المحاولات، جلس ماير الذي لا يجيد سوى لغة بلاده على مركاز أهل الحي، وبدأت دموعه تنهمر حزنا على حالته مرددا "عرفة، عرفة عرفة"، وكأن حاله يقول "فاتني الحج"، إلا أن حرص الأهالي على إتمام ماير حجته، ولضيق الوقت، تكفل أحدهم بنقله بسيارته الخاصة إلى إحدى نقاط الفرز بطريق مشعر عرفات، ومن ثم تم تسليمه لرجال الأمن، الذين بادروا بإركابه مع أحد المناديب، حيث قام بإدخاله إلى عرفات في تمام الساعة العاشرة مساء، على أن يتم إلحاقه ببعثته، لتغرب شمس اليوم التاسع، وتسدل معها قصة الحاج التائه.
أهالي حي النزهة أجمعوا على أن خدمة الحاج شرف لا يضاهيه شرف، وهو ديدن هذه البلاد حكومة وشعبا.
تطبيق الأنظمة
من جهته، أكد نائب رئيس مؤسسة حجاج إفريقيا لغير الدول العربية طارق علوي لـ"الوطن"، أنهم سيتحققون من هذه الواقعة، وذلك مع رئيس البعثة النيجيرية والمكتب المسؤول عن هذا الحاج، وفي حال وجود أي قصور، سيتم تطبيق كافة الأنظمة واللوائح التي أقرتها المؤسسة.
تدخل حقوق الإنسان
من جانبه، ثمن عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمكة المكرمة الدكتور محمد السهلي الدور الذي لعبه المواطنون في غوث الحاج التائه. وقال: بحكم متابعتي فقد خفف عناء ذلك غيرة أبناء ضيوف الرحمن ومساعيهم التي تنبع من حرص القيادة الحكيمة في تميكن حجاج بيت الله الحرام من أداء نسك الحج. وأضاف أن ذلك لا يمنع مؤسسة الطوافة المعنية من اتخاذ كافة الإجراءات النظامية للحصول على حقها، مشددا على أهمية التصدي لمثل هذه الأخطاء الفردية حفاظا على ما تكتسبه مواسم الحج من خدمات جليلة، ومشاريع عملاقة. وقال السهلي إن جمعية حقوق الإنسان ستتابع ما تتوصل إليه المؤسسة المعنية بالحاج التائه، مشيرا إلى أنها قامت بتحرير بلاغ رسمي حول هذه الحادثة.
وأضاف السهلي أن وقفة عرفة لها متسع من الليل، وذلك إلى ما قبل الساعة الثانية عشرة، وهو ما دفع الأهالي لتدارك هذا الأمر، بنقل الحاج إلى عرفة ومن ثم اللحاق بحجاج دولته في مشعر مزدلفة، مؤكدا أن المكتب يجب أن يؤخذ عليه تعهد، وذلك بأن يقوم بتحمل كافة نفقات الحاج التائه في العام المقبل، وأن يتم الرفع للجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيال ذلك.