أستدعي من الذاكرة ما قد يُمثّل إضافة لمقال اليوم، إذ فوجئت في السنة التي سبقت صدور صحيفة "الوطن" قبل 16 عاما؛ برفض المادة الصحفية الأولى التي قدمتها!

من حقي حينها إساءة الظن. فالمادة مكتملة الأركان، وتعبت عليها، وليس ثمة سبب لرفضها..!

استوضحت الأمر، فالمادة أعيدت لي دون أي شرح لسبب الرفض.. فقال لي سكرتير التحرير إن الصحيفة ترفض استلام أي مادة مكتوبة بخط اليد.. ولابد من إعادة كتابتها على الكومبيوتر، وبعثها عبر الحاسب الآلي إلى حساب القسم المختص!

تنفست الصعداء كما تقول العرب؛ ومنذ ذلك التاريخ انتهت علاقتي بالقلم المحسوس -باستثناء التوقيع- حتى لحظة كتابة هذا المقال.. بل ولا أجد حرجا من القول إنني فقدت خطي الجميل، الذي أصبح بعد أن هجرت القلم كخطوط الأطباء في أوراق ووصفات الدواء!

لماذا أقول ذلك.. أشرت قبل يومين إلى خبر صحفي يقول إن موظفي مستشفيات جدة هم الأقل استخداما للبريد الإلكتروني ضمن قطاعات وزارة الصحة؛ حيث لا يزال الموظفون يستخدمون الورق في مخاطباتهم، واحتل مستشفى العزيزية -على وجه التحديد- خانة الأقل؛ بواقع 3 موظفين يستخدمون التقنية من أصل 717 موظفا!

هذا أمر غير مفهوم، فالمفترض أن العاملين في القطاع الصحي من أكثر العاملين في قطاعات الدولة إلماما بتقنيات العمل الإلكتروني تبعا لبيئة عملهم وطبيعة تأهليهم. ثم ما ذنب الناس أن تكون أسرى لمعاملة ورقية.. قد تتلف.. قد تضيع..؟!

تخيل أن تدخل بيديك إلى مؤسسة حكومية لا تحمل أي ورقة، ستشعر بالخجل - "الأخ جاي يتمشى"! - تخيل أن تدخل مكتب الموظف ولا تجد على طاولته أي ورقة.. مجرد جهاز كمبيوتر صغير، "يبدو أنك في المكان الخطأ. أين اختفت أكوام الورق؟!"

لا تزال مؤسسات الحكومة تستهلك الورق.. والأرقام المتوافرة تقول أكثر من ذلك..

لو أن كل مؤسسة حكومية رفضت استقبال أي خطاب مكتوب على الورق من موظفيها ومراجعيها، على حد سواء -كما فعلت "الوطن" قبل 16 عاما- لاستطاعت بسهولة تامة أن تجعل منها بيئة إلكترونية 100%.. لكنها لا تريد!