أثارت تصريحات رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، باتباع سياسة التقشف، و"اتخاذ قرارات مؤلمة"، جدلا واسعا في تونس، بين من عدّ الدعوة فرصة لتضييق الخناق على المواطن البسيط، وآخرين عدّوها نتيجة حتمية لتجاوز التراجع الاقتصادي الحاد، الذي ألقى بظلاله على تونس منذ أكثر من 5 سنوات. وترمي سياسة التقشف إلى خفض الإنفاق، وتلجأ الحكومات إلى هذا الإجراء بهدف خفض العجز في الموازنة، وغالبا ما تترافق خطط التقشف مع زيادة الضرائب، والحد من زيادة الإنفاق على السلع الاستهلاكية؛ وتشجيع الادخار، والعمل على مضاعفة الإنتاج.
وأكد رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، أنه من المنتظر أن تتخذ الحكومة "قرارات مؤلمة" وليس أمامها خيار سوى الحوار والتفاوض وتقديم التنازلات من جميع الأطراف، وأضاف أنه من الضروري مواصلة المحادثات مع مسؤولي صندوق النقد الدولي من جهة، والاتحاد العام للشغل، من جهة أخرى، للبحث عن الحلول المناسبة لاجتياز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مؤكدا أن الحكومة تحرص على استمرار اللقاءات والمبادلات والمشاورات مع رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، لإحداث التغيير الحقيقي الذي يطمح إليه التونسيون.
سياسة غير ناجعة
أكد خبراء اقتصاديون أن سياسة التقشف التي ربما تضطر إلى انتهاجها حكومة الشاهد، غير ناجعة، وستكون انعكاساتها وخيمة، اجتماعيا واقتصاديا، وستعصف بالاستقرار السياسي. وأضافوا، أنه قبل التفكير في اللجوء إلى هذه السياسة، يجب التفكير في الحلول التي من شأنها حل المشكلات والصعوبات قبل تعميقها، لأنها ستؤدي إلى تراجع النمو والتشغيل، وتفاقم البطالة، وأنه يمكن للدولة أن تضغط على بعض مصاريفها، لكنها في المقابل عليها إيجاد موارد استثنائية لعودة النمو إلى النسق المتدفق وخلق مواطن شغل. ووفق المصادر ذاتها، تمر الموازنة التونسية بصعوبات كبيرة، ويجب قبل نهاية 2016 إيجاد مداخيل استثنائية، مشيرة إلى أن الدولة أمام تحد مهم، وهو توفير 13 مليار دولار لميزانية 2017، وأن ذلك يجب أن يتم في إطار تعاون بين الحكومة والسوق المالية التونسية والسوق المالية العالمية والمؤسسات الدولية، وقد تحدث على عجز ميزانية الدولة والذي يقدر بـ3 مليارات دينار يجب توفيرها.
الحلول البديلة
حذرت كثير من الأطراف العمالية في تونس من عواقب اتباع سياسة التقشف في البلاد، في وقت أكدت فيه المركزية النقابية أن الشعب لن يقبل تحمل تبعات وأعباء ما وصفته بإخفاقات الحكومات السابقة، في حلحلة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
وأشار الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أنه على الحكومة تحمل مسؤولياتها، وأن الشاهد مسؤول عن اختياراته، وقال في بيان "ليس للعاملين ذنب في الفشل الذي لازم الحكومات السابقة، وأنه لن يقبل أن يتحمل عامة الشعب تبعات وأعباء إخفاقات السياسات المتبعة لعقود، كان الشعب دوما ضحيتها والخاسر الأكبر منها، وأن عملية طرد العمال، إن حدثت ستكون وراء فشل حكومة الشاهد الجديدة، وإعلان مباشر بوفاتها".
وكان الشاهد، قال في خطابه أمام البرلمان خلال الجلسة العامة لمنح الثقة لحكومته، إن الدولة ربما تعتمد سياسة التقشف وتسريح آلاف الموظفين، إضافة إلى رفع الضرائب، وتقليص النفقات، في حال لم يتم إيجاد حلول بديلة لإنهاء الأزمة الاقتصادية.