لطالما كانت قضية الهوية محط اهتمام المختصين بدراسات التأثير الإعلامي والدراسات الثقافية، خصوصا في عصر المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي. إن ما يظهره الناس في الصفحات ذات الأسماء المستعارة يبدو دوما أكثر جرأة وحدة مما يظهرونه في الصفحات ذات الأسماء الحقيقية والصور الشخصية. ربما لهذا السبب تبدو أي إحصائيات مبنية على حسابات حقيقية غير دقيقة، فربما تكون للمشاركين في الإحصائية هويتان، ولكن مع الأسف تأتي غالبا الهوية الحقيقية تحت الاسم المستعار وتأتي الهوية المستعارة تحت الاسم الحقيقي أو تأتي الهوية المزيفة في التغريدات العامة والهوية الحقيقية في الرسائل الخاصة. وسبب هذا التخبؤ يكون غالبا اجتماعيا، ذلك أننا كمجتمع متطرفون في رفضنا بعض الأفكار أو ربما يكون السبب اقتصاديا، سيما لأولئك العاملين بمجال التسويق والعلاقات العامة، ذلك أنهم يخافون خسارة عملائهم أو غيرها من الأسباب والدوافع.
نشط في التويتر السعودي مؤخرا وسم بعنوان: "هل ترضي تصوّر الخاص"، وتباينت ردود الفعل، ولكن معظمها رفض هذا التحدي بحج الحرية الشخصية والخصوصية.
يقول تقرير نشرته وزارة الخارجية البريطانية مستندا على أبحاث أكاديمية نشرتها جامعة ميتشجن الأميركية في يناير 2013 "إن مواقع التواصل الإلكترونية لديها القدرة على تشكيل هويتنا كأفراد وجماعات بشكل فعّال، ولذا حري بنا الانتباه لممارسات الناس في الإنترنت من منظور تربوي وعلمي". يضيف التقرير "ورغم أن هذه المواقع تمنح الناس القدرة على متابعة أشخاص معينين وعدم السماح للآخرين بمتابعتك، إلا أنه ولا بد لتسرّب ما يسبب التغير على هوية الإنسان عن طريق المدونات ومواقع الشات والموسوعات الإلكترونية"، والسؤال المفصلي الذي تطرحه هذه الدراسة هنا، والذي يعني لنا كسعوديين كثيرا: هل التغير الذي تحدثه مواقع التواصل والشات وبقية المنتديات على الذات والهوية صحي؟ مفيد؟ يحسّن؟ قادر على حل مشكلات مثل التشدد والانغلاقية؟
تبدي هذه الدراسة وغيرها تحفظا وأحيانا تكتما على تأثير تويتر وفيسبوك وسناب شات وإنستجرام على الهوية، إلا أنها تثني على ما تقوم به المواقع المتخصصة مثل موقع "لينكدان" الذي يهتم بعرض السير الذاتية للناس وربطهم بشركات ووظائف وغيره. على عكس وضعنا في العالم العربي تحظى مثل هذه المواقع المتخصصة باهتمام وشعبية عند الغربيين.
ختاما، لأولئك الذين يشككون في وثاق الرباط بين الهوية ومواقع التواصل هاك ما يقول مارك زوكربيرج -مؤسس فيسبوك-: "فكر فيما يفعله الناس في الفيسبوك اليوم. إنهم يتواصلون مع أصدقائهم وعائلاتهم، لكنهم أيضا يبنون صورة وهوية لنفسهم، وهي بمعنى من المعاني العلامة التجارية الخاصة بهم".