لا يوجد فرق الآن، ما يعرفه أبناء الملك والمحيطون به، هو ما يعرفه عامة السعوديين عن العارض الصحي الذي تعرض له الملك، يحدث ذلك لأننا نعيش شفافية حقيقية باتت تمثل نهجنا الواعي وقيمتنا الحقيقية التي نعيشها واقعا، إضافة إلى أن الملك يؤمن أن كل السعوديين هم أبناؤه وهم المحيطون به.
أشبه بالدموع الواقفة على محاجرنا، تلك التي استقبلنا بها نبأ الوعكة الصحية التي ألمت بوالد البيت السعودي وقائده، خادم الحرمين الشريفين رعاه الله، ذلك أنّ حالة الارتباط بين الملك والناس تتجاوز ما هو قائم في علاقة الناس بملوكهم، إلى ما هو أبعد وأجل وأسمى من ذلك، فالملك الجليل الذي منحنا كل وقته وعافيته وصحته وجهده، لم يترك منطقة في قلب سعودي أو سعودية إلا ووضع بصمة فيها، حبا وعاطفة ورعاية لا تتوقف عند حدود المسؤوليات والمهام وإنما تتعداها إلى روح الأب الوالد الذي جعلنا وجعل رفاهنا وتقدمنا وتطلعنا الوطني هدفه الكبير والوحيد، لتنام القلوب وتستيقظ على محبته والإيمان به والدا وقائدا وأبا.
يرسم الملك عبدالله لعيوننا مدى واسعا بتنا نعرف أنفسنا من خلاله، ونرى أرواحنا وقاماتنا طويلة وعالية، وهو يفتح أعين الناس وقلوبهم على الصواب والأمل والعطاء، ويؤثر الملك فينا باستمرار على مستوى صناعة وعينا بالمؤسسات، وتحقق كونها مؤسسات مسؤولة، تتلخص وظيفتها في القيام بنا، طموحا وخدمة ورفاها وحقوقا، يكرس الملك نفسه من أجلنا، لأنه يدرك أن قوة الدولة الحقيقية تكمن في الناس. نحن الناس الذي آمن الملك بحقوقنا وبآمالنا، فلم يكتف بالسعي لتحقيقها، بل حرص على أن يغرس فينا الإيمان بها، وأن يجعلنا مؤمنين بحقوقنا ومدافعين عنها.
يحلم الملك كل ليلة بسعودية المستقبل، ويرى في وجوهنا وفي ملامحنا أبرز مقومات وأهم سمات ذلك المستقبل، لذلك فهو يحملنا بين يديه حلما، ينطلق من واقع راسخ لديه بأننا لا نختلف عن كل شعوب العالم، وأن بإمكاننا إذا ما توافرت لنا المناخات الإيجابية أن نرسم مستقبلا سعوديا باهرا.
بالإضافة إلى مئات المشروعات والخطوات النهضوية، يسعى الملك لربطنا بالعالم، فأنشأ يحفظه الله برنامج الابتعاث الخارجي الذي لا تتوقف حدوده عند طلب العلم والمعرفة، لكنها تتجاوز ذلك إلى دمج السعوديين في العالم وحركته ونهضته وأنظمته، والقوة الحقيقية لكل كيان وطني تبدأ من إيمانه بموقعه وتفاعله مع محيطه، وهي رسالة تحمل معاني حضارية عليا.
إننا بكل شرائحنا نمثل الهم اليومي للملك عبدالله، وملفات عمله التي لا تنتهي، وحين تتحدث إلى أحد المسؤولين من الوزراء مثلا، يلفت نظرك تلك اللغة التي يحثهم بها الملك على العمل والإنجاز، وكيف يربط كل توجيه من توجيهاته لهم بالناس وهمومهم واحتياجاتهم، ولا يرى الملك قيمة لعمل أو لإنجاز ما لم يكن يلامس حياة الناس وطموحهم.
خلال سنوات مثل الملك لكل أبنائه ضمانة كبرى من كل ما يمكن أن يعترض حياتهم، حتى بات رفيق آمالهم، ومنحه الناس من الحب والولاء الصادق، ما هو جدير بمقام قلبه وروحه، والانعكاسات الفعلية في كل مجتمع إنما يمكن قراءتها من خلال الجيل الجديد من الشباب، والذين باتوا اليوم جزءا أصيلا من معادلة التنمية والبناء، وفي ذات الوقت، يمثلون لوحة تكشف حجم تعلقهم الكبير بالملك الكبير، والوالد الأسمى، وبكل ارتياح يمارسون طرقهم في التعبير عن ذلك، أن تنتشر صور الملك في سياراتهم وفي خلفيات هواتفهم المحمولة، وفي غرفهم ومجالسهم، في نجومية تتجاوز نجومية الحاكم العادية إلى نجومية صنعها إيمانهم بأن الملك قريب منهم جدا، ولذلك فقد كان استقبال السعوديين لنبأ العارض الصحي الذي تعرض له الملك المفدى حفظه الله استقبالا فيه من الحزن والتأثر ما يكشف امتلاء قلوبهم بالملك إنسانا وأبا وقائدا ورائدا، وامتلاء قلوبهم بعطائه وأياديه ومحبته، فهي ليست محبة إعلامية، ولكنها واقع يعيشه السعوديون ويزدادون إيمانا به مع كل حدث، ولقد كانت أحداث سيول جدة في العام الماضي مثالا حيا وواقعا على ما يحفز إيمان السعوديين بأنهم يعيشون في ظل ملك يغضب لأجلهم، ويصر على معاقبة كل من يقصر في حقهم.
لا يغيب الملك عن عيون أبنائه ولا عن قلوبهم، وما تعرض له من وعكة صحية، إنما وقعت لأن النفوس إذا كانت كبارا تعبت في مرادها الأجسام، فنحن روح الملك ونحن قلبه الذي ينبض بآمالنا وأحلامنا، وابتسامات الرضا التي تحيط بالدعاء الذي يجري على كل الشفاه، ابتسامات تجمع كل ما في قلوب أصحابها من إيمان وصلاة وترفعها لله تعالى ليحفظ لهم، عبدالله عبدالعزيز.
وحتى في وعكته الصحية العارضة، حفظه الله، يؤمن أن أبناءه شركاء في كل التفاصيل، فقد جاء البيان الصادر عن الديوان الملكي بصوت الأب الذي يطمئن أبناءه، والذين يدركون ويجدون أن في أرواحهم قيمة الانتماء والفداء والدعاء بالعافية والصحة، للملك الذي من قلوبهم وأرواحهم كل عافية وصحة.
البيان الذي صدر عن الديوان الملكي والذي يشرح العارض الصحي الذي تعرض له الملك، يكشف إيمان الملك بحتمية جعل الناس شركاء في كل شيء وبمنتهى الشفافية والوضوح.
في الوقت الذي يحول بعض الزعماء في العالم أخبارهم الصحية، وغيابهم إلى ألغاز وشائعات بسبب استئثارهم بكل ما يمر بهم من ظروف صحية، نجد نحن السعوديين أن ملكنا الجليل يدرك أن قلوبنا وعقولنا بحاجة إلى الطمأنينة والشراكة، لأننا في عائلة واحدة، ولذا فقد جعلنا البيان الملكي في راحة أخرجتنا من السؤال والاستفسار إلى الدعاء بالعافية والصحة والسلامة، وهي شفافية راقية تنطلق بالفعل مما ألفناه لدى خادم الحرمين الشريفين، وتربينا عليه بين يديه الكريمتين من وضوح وصدق، إضافة إلى التأثير الإيجابي العالمي للبيان، وحتى وسائل الإعلام الأجنبية التي تفتح معنا باب الأسئلة أمام كل حدث في الداخل السعودي، وجدت في هذا البيان ما يغنيها عن ذلك، إذ قطع البيان الطريق على كل التخرصات والتهويمات التي غالبا ما تصاحب أي ظرف صحي لأي زعيم في العالم.
هذه الشفافية نعيشها واقعا في مختلف الأحداث التي تمر بالمملكة، وقد رأينا كيف يسعى الملك دائما لوضع أبنائه وبناته في قلب كل حدث، ويرفض أن يجعلهم في مهب الشائعات، والبيانات السابقة التي يصدرها الديوان الملكي في أكثر من حدث تؤكد ذلك.
فيا سيدي الملك، ويا والد قلوبنا وواهبها قيمة انتمائها لجلال عطائك، لديك كل هذه القلوب تحيط باسمك وتنام وتستيقظ وهي ترددها على ألسنتها، ألسنة رطبة بذكر مآثرك وكرمك وحبك، تشعر الآن بأنها وعكة صحية في قلوبهم، فالعافية التي في قلوبنا إنما وهبها الله لنا على يديك الكريمتين، تلك التي نصافح فيها كل يوم يشرق علينا ونحن في ظل رعايتك، وفي ظل قلبك الكبير.