نحن أمة دون الأمم، من يوم وحد الملك عبدالعزيز بلادنا وأسسها وسماها المملكة العربية السعودية ونحن أمة من دون الأمم.
نصنع مصيرنا وحدنا، ونرفع تاريخنا وحدنا، ونبحث عن مصالحنا وحدنا، وتتحدد علاقاتنا بالأمم الأخرى وفق مصالحنا المشتركة معهم، لا عدو دائم ولا صديق دائم، فمصلحتنا وحدها تحدد صديقنا من عدونا.
نعم في بلادنا مقدسات المسلمين وهي تحت مسؤوليتنا لكن بلادنا لنا وحدنا. نحن شعب مثل كل الشعوب لنا أرضنا ومبادؤنا ورموزنا وأحلامنا، نساهم مع أمم الأرض في معمار الحضارة البشرية وفق ما نراه خيرا ومحبة وسلاما. ولا نقبل المزايدات علينا، لا باسم الدين ولا باسم العروبة ولا باسم "الأمة". فكل الشعوب الأخرى العربية والإسلامية والعالمية بالنسبة لنا هي آخر، لا يحدد قربه منا أو بعده عنا سوى مصلحة وطننا.
نرفض اللعب بمستقبل الشعوب باسم أوهام العروبة والخلافة والوحدة، وكل رابطة سياسية أو عرقية أو دينية. نحن أحرار منها إذا كانت تضر مصلحة وطننا.
لقد فشلت أوهام الخلافة الإسلامية وانتهت بالعرب إلى استعمار بلادهم لتخلفها، وأوهام الوحدة العربية التي لم يجنِ العرب منها سوى الضعف فرادى ومجتمعات، واليوم تعود الدعوة للوهم الأول الخلافة الإسلامية بتطبيل من حركات الإسلام السياسي التي لا تعتبر ولا تتعظ بالتاريخ، وتتذرع بالدين وغاياتها السيطرة على مقدرات الناس ولكل منها أمته التي لا تشبه أمة الآخر، فالبغدادي له أمة.. والظواهري له أمة.. والإخوان أمة والسلفيات أمم، والأحزاب الإسلامية أمم، وكلها أضغاث أحلام لم تثبت ولن تثبت.
إن هؤلاء الذين يروجون أن الدين لا يقوم إلا بدولة أو جماعة هم متربصون بمصائر الناس ومقدراتهم، فالدين مسألة فردية والمسؤولية عنه فردية والمحاسبة عليه فردية، ويمكن للفرد أن يكون مسلما كاملا في أي مكان في العالم، أما الدول فمهمتها رعاية مصالح مواطنيها وحفظ النظام والنهوض بقدرات أفرادها ورفاهيتهم مهما كانت أديان شعوبها.
إن كلمة "أمة" لها أكثر من معنى ومن معانيها الشعب، وبهذا المعنى استخدمها النبي عليه الصلاة السلام في وثيقة المدينة التاريخية (أمة من دون الأمم) وانضوى تحتها المهاجرون والأنصار واليهود. ووضحت الوثيقة الحقوق والواجبات المدنية لكل أفراد الشعب المديني، وبهذه الوثيقة دخل النبي في معاهدات مع الأمم الأخرى مثل الأمة القرشية وحلفائها في مكة.
إن أكثر المخدوعين هو ذلك الذي تخدعه شعارات الوحدة والخلافة والأمة عن بلده ووطنه ومجتمعه، نحن الأمة السعودية لن ننخدع لأحد.
حين تتهمنا بعض الأوساط الأميركية أننا نؤيد الإرهاب فهي لا تتهم مسلمي الصين ولا عرب موريتانيا بل تتهم الأمة السعودية، وحين يقول محمد علي جعفري رئيس الحرس الثوري الإيراني إن السعودية عدونا الأول فهو لا يقصد مسلمي تركيا واليابان ولا يقصد عرب ومسلمي عُمَان، بل يقصد الأمة السعودية فقط، وحين يسيل الدم السعودي الزكي على حدودنا فهو يسيل دفاعا عن الأمة السعودية فقط، وحين يموت 500 شخص مدني في السعودية جراء المقذوفات الحوثية فهم لم يموتوا في دار الخلافة في بغداد أو إسطنبول ولا في بلاد مسلمي شرق آسيا، وإنما هم سعوديون أو مقيمون على الأرض السعودية.
نحن السعوديون أمة من دون الأمم لم ننخدع سابقا ولن ننخدع مستقبلا لأي مخادع متاجر باسم الدين أو العرق أو الوهم. لقد قدم آباؤنا تضحياتهم ويقدم جيلنا تضحياته لحماية بلدنا (المملكة العربية السعودية) وإنجازاتنا ومستقبلنا وسنظل كذلك، ونموت من أجل ذلك.