في مدينة الرياض، تلاحظ انتشار المطاعم بشكل غريب. والأغرب هو كثرة الإقبال عليها. المطاعم في كل مكان، أينما ذهبت تجدها، وكلها مزدحمة وتعج بالزبائن. هذا عدا انتشار التطبيقات الخاصة بالمطاعم والتوصيل إلى المنازل.

كثير من الأشخاص الذين التقيتهم أجمعوا على أنهم يأكلون من هذه المطاعم بما لا يقل عن وجبتين يوميا.

في الرياض، يجتمع الشباب إما في استراحات أو شقق، وكلها مجهزة بمطابخ، ولكن من النادر أن يطبخوا فيها. أكثرهم يقولون إن المشكلة ليست في الطبخ وإنما في تنظيف الأطباق بعد الطبخ، وبعضهم يقول: أريد أن أستمتع بوقتي مع أصدقائي، ولهذا يكون المطعم هو الخيار الأنسب والأسرع.

ولكن أجمل عذر كان من أحد الشباب المحبين للطبخ يقول: قررنا أن نطبخ في استراحتنا، وكنت صاحب المبادرة، واقتنع الشباب بالفكرة. وبعد مرور شهر اكتشفت أني أقضي وقتي في المطبخ والشباب مستمتعون بلعب البلوت ومشاهدة المباريات. وأصبحوا يتعاملون معي وكأني طباخ الاستراحة، وطبعا دون أي مساعدة، إضافة إلى كثرة الانتقادات! ولذلك عدنا إلى المطاعم مرة أخرى.

الموضوع لا يقتصر على الشباب فقط، فحتى العوائل في الرياض، كثير منهم يعتمد على طلبات المطاعم، والسبب غالبا أن أذواق الأسرة الواحدة تختلف، والمطعم لديه القدرة على توفير كثير من الأصناف، وعوضا عن طبخ وجبة واحدة في المنزل ربما لا تروق لجميع أفراد الأسرة، فالحل يكون بالطلب من المطعم، وكل فرد لديه حرية الاختيار.

عندما كنت في الغربة، كان الطبخ شيئا مقدسا عندي وعند أفراد أسرتي، كنا نستمتع كل يوم بوصفة جديدة أو بطريقة نحن ابتكرناها. كان المطبخ يجمعنا، حتى الأطفال يشاركونا هذه اللحظات، ويشعرون بفخر كبير لأنهم أسهموا في صناعة هذا الطبق.

أما الآن، وبعد شهر من وجودي في مدينة الرياض، فإني أكتب لكم هذه الحروف وأنا أطلب غدائي من أحد المطاعم التي توصل إلى المنزل.