لم تسكت مذيعة في "بي بي سي" عن حقها وذهبت إلى إحدى المحاكم لتشكو الهيئة الإعلامية التي أقصتها عن وظيفتها بسبب تجاعيد وجهها، وأعتقد، من كل وجهات نظري، أن ذلك حق مشروع للمذيعة، على الأقل فربما ستحصل على تعويض جيد إذا تعاطفت معها المحكمة!

المذيعة واسمها مريام أورايلي تقدم برنامجا عن الريف الإنجليزي وكانت "بي بي سي" تخطط لتقديم البرنامج ولكن بتقنية الصورة عالية الوضوح HD، وخافت القناة أن تظهر تجاعيد السيدة مريام التي لم تستجب للنصائح ولو بحقنة "بوتوكس" واحدة.

لا أعتقد أن "بي بي سي" تعتبر أن المظهر والجمال هما المعيار الحقيقي لنجاح المذيعة، ولكن الأمر جزء من التحولات التي تشهدها العديد من القنوات التلفزيونية هذه الأيام، وفي منطقتنا العربية أجزم أن هناك مذيعات كثرا قد يعملن المستحيل للظهور على الشاشة وسيستخدمن المساحيق الصفراء والحمراء، وسيحقِنّ أنفسهن بعشرات "البوتوكس"!

السؤال الأكثر أهمية بالنسبة لي ومع استخدام تقنية HD، من هي المذيعة التي ستصر على ترك الأضواء وتلتزم بمبدأ أن الجمال ليس المعيار الحقيقي للعمل الصحفي؟

للأسف هذا هو الاستغلال السيئ لكثير من القنوات التلفزيونية، السلعة التقليدية التي يحاول المخرجون في الفضائيات أن يروجوا لها، دون أدنى احترام أو تقدير لرغبات المشاهدين، وكم من المذيعات اللاتي يظهرن على شاشات عربية وهن "فارغات" من الثقافة والخبرة الإعلامية والفائدة التي يرجوها المشاهد.

احترمت السيدة مريام لأنها أرادت أن تكون قصتها عالمية وأن يسمع بها الناس، رغبة منها في إرسال رسالة إلى رب عملها، تؤكد له فيها أنها لن تزيل تلك التجاعيد التي زرعها الزمن على جبينها، وأنها تعرف أن الإعلام الحقيقي والصحافة الاستثنائية ليست في حقنات شد الوجوه أو "المياعة" وشنط أدوات التجميل!