تقول عناوين نشرة الأخبار إنه تم ضبط مقيم من الجنسية البنجلاديشية في مطار سعودي وهو يخفي تحت جواربه وحول ساقيه فقط مبلغ مليوني ريال سعودي. وأنا هنا، وأستغفر الله، لا أنتقص ولا أتهكم، إن قلت إن الصور المنشورة لساقيه الدقيقتين النحيلتين لا تشبه سوى ساقي العظمي، ومع هذا استوعبتا في محيطهما الصغير هذا المبلغ. هنا السؤال: كم مليونا؟ تستطيع الهروب بالتخفي حول السيقان الغليظة المكتنزة شحماً وبالخصوص من سيقان تلك الجنسيات التي زادها الله بسطة في العظم والشحم؟ تقول لي مصادر معلوماتي المؤكدة إن تجارة تهريب الأموال عبر دبي بالتحديد باتت اليوم موضة التستر الجديدة. تتم هذه العملية عبر استئجار رؤوس سعودية خالصة من قبل عمالة محلية وافدة ثم تضع في حقائبها مبالغ مالية لا تزيد عن مئة ألف ريال في استغلال لحرية تنقل رأس المال بين دول المجلس الخليجي وأيضاً للابتعاد عن الشبهة. أنا على سبيل المثال حملت نفس المبلغ في جيبي كاشاً ونقداً من بيتي حتى السوق الصيني في أطراف دبي ولم يسألني أحد.
سننتقل الآن إلى المعلومة الأكثر دهشة وخطورة: تمتلك عصابات تهريب المخدرات وغسيل الأموال وفي مقراتها داخل مدننا المحلية أحدث أجهزة الكشف الإلكتروني وآخرها في دقة التقنية للكشف عن تهريب الممنوعات بأشكالها المختلفة، وهم يجرون عليها أعقد وأصعب تجارب التمويه والإخفاء بقدرة إنذار تفوق قدرة أجهزة المنافذ في المطارات والموانئ المختلفة. وهنا لا تسألني عن تهريب قطعة حشيش بحجم الكف ولكن لك أن تسألني كيف وصلت إلينا هذه الأجهزة المتطورة وكل واحد منها في بضعة كراتين أصغرها في حجم هذه الطاولة التي أكتب إليكم منها. تمتلك هذه العصابات أغلى الكلاب البوليسية المدربة على شم هذه الممنوعات الخطيرة وتستورد أيضاً ملابس وأحذية تهريب مصنوعة لهذا الغرض. والقصة برمتها أن التهريب أصبح صناعة مكتملة لها جيوشها المنتشرة من المصنع حتى نافذة البيع النهائية بالتجزئة. مشكلة هذا "البنجالي" أنه تم اكتشافه بالشك والصدفة فقط، لأن عرض ساقيه لا يتناسب مع جسده النحيل حين تورمتا بحزم الملايين حول ذات الساقين. ولكم من الخيال في نهاية المقال أن أباطرة هذه العصابات هي من يشتري من سوقنا أثمن وأغلى المجوهرات والأحجار الكريمة استبدالاً لتهريب النقد. تقول المعلومة عن ضبط "إسوارة" في معصم امرأة تبلغ قيمتها أربعة عشر مليون ريال تحتاج إلى ثمانية سيقان للتهريب الكلاسيكي تحت الجوارب. نحن كشفنا عن مجرد ساقين ومليونين لكن القصة أعمق من كل السيقان التي تسير في شوارع هذا البلد. أخطرها أن يقول لي ابن أخي ونحن نقرأ هذا الخبر: (ليت إني بنجالي يا عم....).