"إنَّ جميع شخصياتها، بإنسها وجنِّها وشياطينها، وحتى ملائكتها، هي شخصيات حقيقية". هكذا يبدأ استهلال الكاتب الدكتور أحمد خالد مصطفى روايته، بل لا يكتفي بهذا إذ يؤكد للقارئ بقوله: "تذكر يا صديقي أن تحرق هذا الكتاب بعد أن تقرأه". 300 صفحة وتزيد هي محتوى رواية "أنتيخريستوس" لن تتمكن من نسيان ما ورد فيها وإن أحرقتها مرات عديدة.. هذه هي الحقيقة.

"أنتيخريستوس" -والذي يعني المسيح الدجال باللاتينية- هي رواية في هيئة سفر تاريخي وسردٌ مُتقَن وبلاغة سَلِسَة لرواية من ذلك النوع من الروايات التي تعطي القارئ مفاتيح سرية تدفعه مجبراً ليجول في عالم لم يكن يعلم أنه سيخوضه. نحن أمام عمل روائي مختلف في المعنى والنسيج، والذي يربط بين عوالم سرية وتاريخية وسياسية، استطاع بمهارة أن يكتبها لتكون أمام القارئ العربي الذي يعيش الحاضر بينما في داخله كل جذور الماضي.

في هذه الرواية ستكون أمام أحداث تاريخية سياسية دينية فارقة مثيرة للجدل وخلافية حتى يومنا هذا. يمرر فكرة العنف السياسي ابتداء بالدولة الأموية، ثم يعرج على الهيكل، سيأخذك إلى حقيقية الدجال، التشيع، وبروتوكولات حكماء صهيون، والماسونية العالمية التي اغتالت بوب مارلي وتو باك ومايكل جاكسون وصولاً إلى ثورات الربيع العربي.

ستكون مضطراً في هذه الرواية أن تنتقل عبر الزمن وجهاً لوجه أمام شياطين وجان. تجول بين أساطير وحقائق لتجد بنفسك ما تفهمه وتصنع لك حقيقتك الخاصة بخلفيتك التاريخية أو الدينية. ستعيد النظر في كثير من الحقائق التي صبت في وعيك، وتبحث عن تلك الكثيرة جدا التي تم طمسها من كتب التاريخ بشكل متعمد. ستكون قبالة أسئلة كثيرة تتلخص في: هل هذه حقائق أم أساطير؟ فتدهشك الحقائق حين تبدأ في البحث عنها بعد أن تسلمت شيفرة الدخول إلى البوابة والتي تُركت لك عمداً في هذه الرواية.

في الرواية أيضا نزعة لدافعية البحث والتيقظ، وبعيدا عن الأسلوبية أو الحكائية، النسق، أو السردية فإن كل ما يظهر جليا في رواية "أنتيخريستوس" هو نقطة التنوير التي تضع القارئ أمام وقائع معلومة ومجهولة بالوقت ذاته، وعلى طريقة روايات (دان براون) تقرأ عملا أدبيا ليس من أدب الرعب وليس من أدب القصص الخيالي بل هو أشبه بحكاية حياة مقسمة على هيئة قطع من "البزل" كل ما عليك هو تركيبها بالطريقة الصحيحة لتصنع الصورة الكاملة.

سيأخذك الراوي إلى بابل مرورا بروسيا والقدس والعراق والثورات الأوروبية والصليبيين والحشاشين والشيعة. ديانات وموت وغموض وأسرار حتى أنه لا يتردد في أخذك إلى حكاية بوكاهانتس.

هذه الرواية ينبغي أن تدفع بالقارئ مجدداً لقراءة الماضي والحاضر وشيء من المستقبل، وسيكون له حرية أن يقتنيها أو لا. ولكن حتما الفضول سيدفعك لقراءتها.