من المرجح أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وراء قرصنة وتسريب رسائل الحزب الديمقراطي الأميركي، مما يُعد ضربة قوية لحملة المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية، هيلاري كلينتون، عشية المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، خاصة أن موقع "ويكيليكس" الشهير، الذي سُربت له الرسائل، يتمتع بصداقة الروس.
ليس بغريب تدخل بوتين في الشؤون الداخلية للدول الأوروبية، من أوكرانيا ومولدفا إلى إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، لكن تدخله في الانتخابات الرئاسية الأميركية هو الأمر الغريب الذي يُعد الأول من نوعه، ويعكس، بين أمور أخرى، عدوانية متهورة تبناها بوتين في سياسته الخارجية منذ عودته لرئاسة روسيا عام 2012، من المرجح أن تكشف قناعة موسكو بأنها ستجني مكاسب جيوسياسية إذا فاز ترامب برئاسة أميركا.
وتشمل المكاسب التي سيجنيها بوتين من ترامب -والتي أوضحها الأخير- تحقيق الهدف الغالي لموسكو وهو إضعاف أو تدمير حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي وصفه ترامب بأنه قد عفا عليه الزمن، وإعادة هيمنة روسيا على دول الاتحاد السوفييتي السابق، إذ قال ترامب إنه لن يدافع عن لاتفيا وإستونيا وليتوانيا إذا غزتها روسيا، رغم عضوية هذه الدول في الناتو، فضلا عن معاملة واشنطن لموسكو كقوة عظمى مساوية لها، وأن تكون لها منطقة نفوذ تقرها الأولى، حيث أشاد ترامب تكرارا ببوتين ووعد بالتعاون معه.
ويبدو ميول ترامب نحو روسيا سياسة غريبة على الحزب الجمهوري، وسيشكل نقلة كبيرة وخطرة في السياسة الأميركية، خاصة أن ترامب سعى كثيرا إلى التعامل التجاري مع روسيا، حيث أكد ابنه أن الروس مصدر لكثير من أصولهم. وإن عدم كشف ترامب عن ضرائبه أو سجلات أعماله التجارية لم يسمح بمعرفة الحجم الكامل لمصالحه المالية مع روسيا.
هناك 3 على الأقل من كبار مستشاري ترامب تكسبوا من العمل التجاري والعلاقات السياسية مع موسكو، بمن فيهم مدير حملته الانتخابية بول مانافورت الذي عمل مع الرئيس الأوكراني السابق المقرب من بوتين، بالإضافة إلى كثير من النخبة المالية الروسية.
ويلاحظ أن أحد التغييرات في برنامج الحزب الجمهوري التي أدخلتها حملة ترامب هو إضعاف اللغة الداعية إلى دعم الحكومة الأوكرانية الديمقراطية الحالية التي حلت محل الرجل الذي يمثله مدير حملة ترامب.
وبالطبع فإن خِدع جهاز الاستخبارات السوفييتي السابق (كيه جي بي) لن تنطلي على الناخبين الأميركيين في انتخابات أميركية واسعة ومفتوحة، خاصة أن موسكو غير حريصة على إخفاء أهدافها، لكن تدخل بوتين يظل ملفتا ومقلقا مثل الدافع الذي منحه إياه ترامب ليتدخل في الشؤون الأميركية الداخلية.