ما إن صدر تفعيل قرار سعودة حلقات التحفيظ في منطقة مكة المكرمة، حتى ثارت جماعة الإخوان المسلمين ثورة عارمة، وانطلق ممثلوها في المملكة في إصدار البيانات والقفز على شاشات التلفزة، يشجبون ويستنكرون ويتهجمون على شخص الأمير خالد الفيصل في جرأة غريبة.

بين السطور، هؤلاء المتقافزون على القنوات، ليسوا قياديين في جماعة الإخوان المسلمين، وليسس لهم من الأمر شيء، هم فقط أبواق وواجهات إعلامية محلية للجماعة، وممثلون في بلادنا، مثل وكيل أي شركة سيارات، لا أكثر.

جماعة الإخوان المسلمين لن تقبل أن تغيب شمسها عن المملكة بسهولة ولن تتوقف أبداً عن استخدام المكائد والدسائس وحملات التشويه التي تستخدمها ضد من يقف في وجهها، مثلما فعلوا مع كل كاتب حر نزيه فضحهم.

وبرغم أن المملكة قد أحسنت لهم أيما إحسان في زمن ملكيها سعود وفيصل، وأنقذتهم من الحبس والمطاردة ومن الحملة التي شنها عليهم جمال عبدالناصر عندما أزعجوه بمثل ما أزعجونا به، فأنقذتهم المملكة من نير العذاب واحتوتهم بشرط ألا يكون لهم نشاط سياسي على أرضها، فتعهدت الجماعة بذلك، لكنها لم تف، ولا أستغرب أنها لم تف، إذ أين في تاريخها الوفاء؟! فنحن لا نعرف عنها إلا المكائد والدسائس والمخاتلة والمواربة.

في مصر، اشتكى أناس لا يحصون من جماعة الإخوان المسلمين، أنها قد سلبت وظائفهم ومصادر رزقهم وأعطت هذه الوظائف لأبنائها من منسوبي الجماعة ولم تبال إطلاقاً بأن هذه الوظائف هي من حق بيوت مصرية لا علاقة لها بالجماعة، هذه حقيقة تاريخية يعرفها كل المصريين ولن يفيد إنكارها في شيء، فعلام تغضب اليوم أن أخذت منها وظائف التحفيظ، هذه الوظائف لن تكون لغرباء، بل ستكون لسعوديين، ولن يفتش أحد عن ميولهم هل هي سلفية أم إخوانية، المهم أن يكونوا وطنيين، فعلام الغضب وعلام التخوين؟!

ماذا عن تشبيه الأمير خالد الفيصل بالقرامطة (أبو طاهر القرمطي ومن معه) الذين اقتحموا الحرم في 317 للهجرة والذين استباحوا الدماء وقتلوا 30 ألف إنسان، واغتالوا المحدّث ابن عمار الشهيد في ذلك اليوم وهو يطوف، واقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه معهم، وردموا بئر زمزم بجثث القتلى، ووقف أبو طاهر يشتم المسلمين بكلام فاحش ويقول: أين قولكم من دخله كان آمناً؟ ثم يعود فينشد:

أنا بالله وبالله أنا

يخلق الخلق وأفنيهم أنا

ما رأي القارئ الكريم بهذا التشبيه المليء بالحقد والكراهية؟! وكيف يمكن أن يكون مصير "الإخونجية" لو كانوا بين يدي القرمطي وماذا يمكن أن يكون مصيرهم أمام حافة سيفه؟ وهل يمكن أن تكون هناك وقاحة أشد من هذه الوقاحة في هذا التشبيه؟!

قرار السعودة هو قرار حكومي طبقه خالد الفيصل تمثلاً للتعليمات وكل مناطق المملكة سائرة باتجاه سعودة كل الوظائف بمشيئة الله، وإن رغمت أنوف الأمميين، ولن يوجد إنسان وطني واحد يمكن أن يعترض على قرار حكومي يهدف إلى الاستغناء عن غير السعوديين بحسب الإمكان، وإعطاء الوظائف لأبناء الوطن، وإنما الغاضبون هنا أناس أمميون، لا يهمهم كثيراً, بل لا يعنيهم إطلاقاً, ولا يشملهم مسمى "سعودي" فهم لا يقبلون من هوياتنا الثلاث (سعودي – عربي – مسلم) إلا الهوية الثالثة فقط، وبالتالي فذهاب الوظائف وفرص العمل لإخوتنا في إندونيسيا أو الهند، يساوي تماماً ذهابها لسعوديين، بل كثير منهم عنده هذه الجماعة أهم من كثير من السعوديين، فالمعيار عندهم هو اللحية والثوب والانتماء للجماعة، أما الجنسية السعودية فلا تعني لهم شيئاً.

في تصوري أن الأمير خالد الفيصل، هذا الإداري المحنك والوطني الحر مشغول بعمله عن نواح هؤلاء الأمميين وبكائياتهم المزيفة، أما السعوديون فقد انكشف عنهم الحجاب واكتشفوا اللعبة وما عادت تنطلي عليهم هذه التمثيليات، وما عادوا ينخدعون بالألاعيب السياسية التي يصبحنا ويمسينا بها (الإسلام السياسي) ليحقق لنفسه المزيد من القوة والسلطة على حساب بقية السعوديين، ولا أجد خاتمة تختصر الرد على الإخوة المحروقة قلوبهم على الوظائف التي تمت سعودتها إلا قول رمز الشباب وشاعرنا الأمير خالد الفيصل:

استريحي يالظنون الثايرة

لا تشبين الحرايق بالخضر

دام الأفلاك بسماها سايرة

كل مطلع شمس له علم وخبر