لا أدري ماذا تبقى من كعكة القارة الصفراء (رياضياً) لم ينله الرياضي واللاعب الكوري سواء الجنوبي (وهم النسبة الأكبر) أو الشمالي (الذي بدأ في السنوات الأخيرة يفرض وجوده بقوة), فلا بطولة كروية على كافة المستويات (رجال / نساء) إلا حصلوا عليها على مستوى القارة، ولا نهائيات كأس عالم بدرجاتها إلا وصعدوا لها عدداً من المرات, ولا جوائز فردية وجماعية إلا وكان لهم النصيب الأكبر منها, ولا تميز أداء لاتحاداتهم الكروية إلا وحازوا عليه من أعلى المحافل والهيئات والمؤسسات الرياضية القارية والدولية!
الشأن الرياضي في الكوريتين أصبح مثار إعجاب المتابعين للرياضة من داخل آسيا أو خارجها, و لئن وجدنا المبرر وعناصر النجاح والتفوق متوفرة في الجزء الجنوبي بحكم التطور الحضاري المدني وعلو كعب البنية التحتية الرياضية في مختلف الألعاب, وخبراتها التي اكتسبتها من خلال استضافتها لأكبر المنافسات والنهائيات الرياضية والكروية (دورة الألعاب الأولمبية الصيفية، نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام2002 وحصول المنتخب الكوري الجنوبي على المركز الرابع مونديالياً في تلك الدورة), فإننا سنجد أنفسنا في حيرة ما بعدها حيرة ونحن نرصد ونسجل للرياضة في القطاع الشمالي من شبه الجزيرة الكورية, فالجميع يعلم أن هذا البلد يعيش حالة تقوقع حول نفسه, وشبه غياب عن العالم, ويرزح مجتمعه في حالة فقر مدقع في النسبة السكانية العظمى, والبنى التحتية سواء رياضية أو مجتمعية مدنية تصل درجة البؤس, وإمكانات الأندية الكورية الشمالية بعيدة جداً عما تعيشه الأندية الكورية الجنوبية, واللاعب والرياضي الشمالي لا يحصل على ربع ما يحصل عليه الرياضي واللاعب الكوري الجنوبي, والظروف المتاحة للطرفين متباينة بشكل كبير وكبير جداً, بيد أنه رغم هذه الفوارق الكبيرة بين رياضيي الشطرين من شبه الجزيرة الكورية إلا أن الحضور القاري والدولي والأولمبي يعد مفخرة لكلا الشعبين, ومدعاة افتخار للاتحادات القارية التي تنوه وتقوي سجلاتها بأرقام وإنجازات الرياضيين في هذين البلدين. وكما ذكرت سلفاً, فإن الإنسان يجد حيرة كبيرة في نقاش الوضع الرياضي الكوري الشمالي بدرجة خالفت هذه الإنجازات والصعود المتتابع المقاييس المرتكزة على العنصر المادي وربط كل مكتسب بالمادة و كأن العنصر المادي – على أهميته برأينا - من يحقق المكتسبات الرياضية وحده متى غاب التخطيط السليم ووضع الاستراتيجيات الواقعية والاختيارات الصحيحة للكوادر الإدارية المشرفة منها والتنفيذية, ولو سلمنا بذلك فإننا سننسف كافة الإنجازات الرياضية التي تحققت لهذا البلد, إلا أننا سنضع الأمور في نصابها فنؤكد على أن العمل المرسوم بخطط زمنية ومهنية تخصصية تقوم عليها كوادر مختارة بعناية بحكم التميز والتخصص وتوفير ميزانيات معقولة كفيل أن يحقق ما تحقق للكوريين الشماليين.
وهذه الوصفة الكورية ما تزال بعيدة عن ذهنية المخطط الرياضي العربي وربما ستتأخر إلى زمن أطول بحكم عدم قدرة المخطط الرياضي العربي على صنع استراتيجيات صحيحة وبعده عن الاختيار السليم للكوادر وتركيزه الأكبر على الميزانيات وحجمها مما يجعل لا جدوى منها منذ البداية, وتذهب سدى لا أثر لها ولا نفع.
إن كان المخطط الرياضي العربي حريصا على واقع الرياضة العربية حاضراً ومستقبلاً, وأظن ذلك بدرجة معينة, فإنه مطالب برصد وتسجيل تلك الأسس التي ساعدت الرياضيين الكوريين على تحقيق مكتسباتهم الرياضية سواء على مستوى القارة الآسيوية أو على مستوى دورات الألعاب القارية أو الأولمبياد وكذا المونديال, فأمامهم تجربتان ناجحتان رياضياً, فهل من مستفيد؟؟!!