أطلق عشرات الشباب من المسيحيين والمسلمين (لا تتجاوز أعمارهم 30 عاماً) دعوات مشتركة لفتح قنوات تفكير مشترك بين الشباب المسلم والمسيحي بدلا من تفكير كل طرف على حدة. وأوصوا في نهاية ملتقاهم الدولي الأول للشباب المسلم والمسيحي أمس بمقر مشيخة الأزهر في القاهرة، بتقريب وجهات النظر والفهم الصحيح للأديان، ودعم الساعين إلى السلام بين البشر دون توظيف سياسي والعمل على إيجاد حلول للقضايا والمشكلات التي تؤرق المجتمعات، وإقامة فعاليات جانبية للتواصل مع الكنائس العالمية والمجتمعات الغربية لتوضيح موقف الإسلام من أي دعوة أو فتاوى متطرفة، والتركيز على المشتركات الإنسانية التي لا تختلف باختلاف الدين ونبذ التعصب واحترام ثقافة الآخر. وأكدوا على أهمية عقد الملتقى بشكل دوري وبمشاركة شبابية أوسع من حيث عدد المشاركين أو تنوع مذاهبهم.
تحرر من موروثات قديمة
قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في كلمته في الملتقى إن "القرآن أقر بأن الله جعل في قلوب أتباع عيسى -عليه السلام- رأفة ورحمة إلى يوم القيامة، وإن الدعوة إلى الله في دين الإسلام محددة بأن تكون عن طريق الحكمة والحوار الهادئ الذي لا يجرح الآخر ولا يسيء إليه أو إلى عقيدته، كما أن القرآن يبرئ الإسلام في نشر العقائد بقوة السلاح أو الإكراه أو الضغوط، أو أي أنواع الإكراه، كما قرر القرآن أنه لا إكراه في الدين، وأن من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
وأضاف أن "الناس بالنسبة للمسلم هم إخوة في الدين أو نظير في الإنسانية، والإسلام يحرم إلحاق الأذى بأبناء الأديان السماوية بشكل خاص، وأن المسلم الذي يؤذي فردا من دين آخر يتبرأ منه الله ورسوله، ثقتي فيكم، أيها الشباب المسلم والمسيحي، بعد الله، قوية، وأملي فيكم وفي ثقافة عقولكم، وأملي كبير في براءة فطرتكم، وتحرركم من ثقافة وموروثات قديمة كبلت جيلنا أن يؤدي واجبه في نشر ثقافة السلام العالمي، مما يعيد الأمل في قدرتكم على ترسيخ مبادئ الأخوة الإنسانية وإطفاء نيران الحروب التي يدفع الفقراء والبؤساء والنساء والمرضى ثمنا باهظا فيها، لأنها فرضت عليهم بقرارات عبثية لا تعترف بحق الحياة للمستضعفين في الأرض".
15 جنسية وطوائف مختلفة
شارك في الملتقى، الذي انطلق الجمعة وانتهت أعماله أمس، 40 شابا وفتاة تحت سن 30 عاما، يمثلون 15 جنسية مختلفة، من أوروبا وإفريقيا ودول الشرق الأوسط، بحيث تم تقسيمهم إلى 20 شابا مسلما و20 شابا مسيحيا، فضلا عن مشاركة ممثلين عن الأزهر ومجلس الكنائس العالمي بطوائفه الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانية.
وناقش الملتقى دور الأديان في بناء السلام ومواجهة التطرف والإرهاب، من خلال مجموعة محاضرات وورش عمل لوضع أسس حقيقية لمشاركة شبابية فعالة في بناء السلام، كما ركز على تأصيل قيم المواطنة والتعايش المشترك، وآليات تفعيل مشاركة الشباب المجتمعية وبناء عدالة اجتماعية في مجتمعاتهم، ودور المؤسسات الدينية في بناء السلام، إضافة إلى الخطاب الديني وأثره في خلق التوتر والعنف أو الوفاق والسلام.
وشدد الملتقى على "ضرورة التفرقة بين الدين وأيديولوجية الجماعات المتطرفة حتى لا يتهم الدين الإسلامي أو المسيحي بدعم الإرهاب لمجرد قول أحدهم بأنه ينتمي لدين معين".