أن تقول رأيك وأقول رأيي فهذه حرية رأي، وأن تقول رأيك وتمنع الآخرين من قول آرائهم فهذه ديكتاتورية، وأن تقول رأيك وتعتدي على الآخرين الذين يعبرون عن آرائهم فهذا إرهاب فكري. لذلك فإن اختلاف الآراء أمر طبيعي بين البشر، وهو سنة أقرها القرآن الكريم وأكد على وجودها في آيات كثيرة، يقول الله تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين).
ومع ذلك نجد بيننا من يرفض شرعية هذا الاختلاف ولا يؤمن به، بدليل أن اختلاف الرأي في ثقافتنا يتحول إلى تجريم وسب وربما القذف لصاحب الرأي المختلف.
إن غرور المرء بنفسه والأنفة عن قبول الرأي الآخر ومحاولة إلغائه هو استبداد فكري لا ينتج عنه إلا تمزق المجتمع وخلق الفتن والكثير من الإشكالات المنهي عنها شرعا وعقلا ومنطقا.
حرية الرأي الآخر هي حق شرعي للإنسان في الإسلام يعبر به عن آرائه وأفكاره، والغريب أن تجد بيننا من ينسب نفسه للإسلام ولا يعطي الآخرين حق الاختلاف في الرأي، ويظهر ذلك من خلال الأوسمة التي تطرح في مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، والتي دائما ما تخرج عن مسارها وهدفها الحقيقي لتتحول إلى حلبة مصارعة قائمة على فكرة الانتصار والغلبة وإلقام المختلفين عنا بآرائهم حجرا، وفي هذا سلب لحرية الآخر وقطع كل دائرة للحوار، وهذا ما اتبعه الجبابرة كأمثال فرعون الذي طغى وتجبر ورفض دعوة موسى، عليه السلام، حتى بعد أن تبينت له الحقائق خوفا من زوال سلطته ونفوذه، فلجأ إلى إرهاب الناس وإلباس الحق بالباطل، وإثارتهم ضد الحق بقوله إن هذه رسالة جاءت لتغير دينكم الذي ورثتموه من آبائكم، ومع ذلك لم يمنعه موسى من ممارسة حقه الشرعي في الاعتراض والاختلاف.
الاختلاف في الرأي أمر وارد وحق يجب الاعتراف به، فهو يحدث بين أهل البيت الواحد، وحتى لا يكون حديثي عن الاختلاف في الرأي بلا ضوابط أقول أن يكون لحرية الرأي والتعبير قبول ما لم تمس ثوابت الدين ووحدة الوطن.