في مكتبه الأنيق المزود بكاميرا مراقبة، أشار إلى صورة على الجدار خلفه.. قائلا: هذا أحد أبنائي.. أتقرب إلى الله عز وجل باحتوائه وتربيته والعطف عليه.
لم يترك لي رجل الأعمال الشهير فرصة للسؤال عن شيء.. بادرني بالقول: "قبل سنوات ذهبت وطلبت من دار الرعاية الاجتماعية بالرياض أن أتبنى أحد أطفال الدار من مجهولي الأبوين.. استلمته بعد إجراءات وبحث وتقصٍ من الدار، ووضعته مع أطفالي، حيث أرضعته زوجتي.. كنا نقدم له ما نقدمه لأولادنا دون أي تفرقة بينهم".
الحكاية الثانية رواها لي صاحبها الأسبوع الماضي -أحتفظ باسمه أيضا- من الساحل الغربي لبلادنا.. يقول: لم يرزقنا الله بطفل، قررنا التوجه لدار الأيتام في منطقة مكة المكرمة، فور دخولنا وصلت طفلة رضيعة مجهولة الأبوين، أخذناها بعد إجراءات معتادة، وكانت فاتحة خير في حياتنا، حملت زوجتي في الشهر التالي.. جاءت هذه الطفلة وجاء معها الخير.. واليوم هي مديرة المنزل، وهي الآمرة الناهية.. وتحمل شهادة جامعية مرموقة!
هؤلاء وجدوا عائلات حاضنة تخاف الله فيهم؛ لكن ماذا عن الآلاف غيرهم الذين يتكدسون في دور الرعاية.. ملف الأيتام مجهولي الأبوين رغم كل ما تقدمه الدولة لهم؛ إلا أنه يقطر ألمًا ومعاناة..
بعث لي أحدهم بسلسلة نصوص مؤثرة لـ"سمير" - وهو أحد أشهر اللقطاء في السعودية - يتحدث خلاله عن المنغصات التي تواجه "اليتيم" وأبرزها التغيير المفاجئ للمرضعات والأمهات البديلات، وهذا الأمر حسب وصفه: "يلعب دوراً كبيراً في عدم استقرار الطفل في دار الأيتام من الناحية النفسية والعاطفية وعدم شعوره بالاستقرار، فهو محاصر دائماً بإحساس الفقد وعدم الاستقرار مما يحسسه بعدم الأمان النفسي، فقد تعود أن العالم حوله متغير متحرك لا يخضع لأي درجة من الاستقرار والثبات، فهو بشكل دائم معرض للفراق والبعد عن الآخرين".
انتهت المساحة، بقي سؤال هو خلاصة مقال اليوم: هل تبرأ الذمة بالمعاملة التي يجدها هؤلاء الأيتام في بعض دور الرعاية الاجتماعية؟!
ابحثوا عن سمير؛ فعند سمير الخبر اليقين!