خالد أبوذراع



أذكر أن طالبا بُعث إلى "الولايات المتحدة" من أجل إكمال الدراسة، وبشق الأنفس نال مبتغاه وهبط في موطنه يحمل شهادة الماجستير، تقدم بالطلب على وظيفة في إحدى الشركات المرموقة التي تنسجم مع تخصصه، مضى بالعمل لعدة شهور فلم يعد يُطيق الاستمرار، وقرر أن يستقيل، وهو ما زال متـقـنعا بفكر الغرب لاسيما في وفرة الوظائف، والمرونة بالتنقل من شركة إلى أخرى والعودة لها متى شاء.

.. ظل يبحث عن عمل، ولم يجد غير الفراغ يشاطره، بعد مدة طويلة حصل على وظيفة ذات دخل محدود، خولته أن يدفع نصف مرتبه من أجل السكن في أحد الفنادق الأنيقة والفاخرة، أصبح يبث "فيديوهات" عبر حسابه بـ"سناب شات" ولقي إعجابا واسع النطاق، فأصبح كل صباح يلتقط صورة لبزوغ الشمس من عبر نافذته، ويكتب: ها أنا أحتسي قهوة الصباح! وعلى وقت الظهيرة يذكر بعض الحكم والأمثال التي تنم عن سعادته ونجاحه وتعملقه بين أقرانه، وعلى غروب الشمس يصور جلسته الخاصة التي تقبع في "اللوبي" الخاص بالفندق، ويذكر بعض الفرائد التي حصلت معه في تلك الديار، وعند المساء ينير شمعة في عتمة الظلام، ويقتبس بعض القصائد التي تؤنق القلوب والأسماع وينسبها لنفسه!، ويأنس بتفاعل من يتابعه، ثم يعدهم بتقديم المزيد!.

ربما من الوهلة الأولى يتضح للقارئ الكريم أن ما ذكرته آنفا يعيش في رغد ورفاهية، بيد أن الواقع في مجمل حياته أوهى من بيت العنكبوت!، يتغنى بذكريات الماضي، ويغض الطرف عن حياته الحاضرة لعدم قدرته على التوافق والمواصلة على درب النجاح، ما أتعس هؤلاء! وما أكثرهم!، فهم في نمو وتزايد، لذلك هم سبب جوهري في تعاسة أنفسهم وعنوسة وتضليل من يتابعهم. 

من خلال هذه الصورة المزركشة يقع كثير من الزوجات في خلافات مع أزواجهن  - لاسيما حديثات الزواج، ومع وفرة الطلبات والإلحاح على توفيرها يعجز الزوج عن تنفيذها ومساواتها بغيرها، فتغضب لتوهمها أنها تعيش في نفق مظلم وحياة غابرة لا تستحق المكوث فيها ولو لثانية، فيقع الطلاق.

استنادا على بعض الإحصائيات التي وردت من وزارة العدل والتي حظيت بانتشار واسع عبر الصحف الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي تبرز مدى تفشي ظاهرة الطلاق في المملكة العربية السعودية، إذ تبين أن 7 حالات طلاق تحدث كل ساعة! بمعنى أن كل 9 دقائق تقريبا يحدث طلاق!

هذه إحصائيات مرعبة تحير اللبيب وتدهش العاقل، لذلك يستوجب على الراغبين في الزواج توخي الحذر وتدارك ما هو آت، وتنمية الثقافة الحقوقية لدى كل المقبلين والمقبلات على الزواج، وذلك من خلال التسجيل في الدورات التي تدعم هذا المجال، أو الاستماع والمشاهدة عبر موقع "يوتيوب" من دورات مجانية ربما تَخلق التوافق والوئام بين الطرفين، وتؤهل المرء لعيش حياة يعمها التفاهم والسكون، خالية من المنغصات الحياتية.