كشف الباحث اليمني، محمد يحيى عزان، مؤسس "حركة الشباب المؤمن" في صعدة، أسرار تأسيس الحركة، وما مرت به من مواقف، وحقيقة الخلاف الذي نشب بينه وبين مؤسس جماعة "أنصار الله" الانقلابية، حسين الحوثي، إذ قال إنه يتبع النهج الإيراني في أفكاره، بل يسير بوتيرة أكثر تعصبا في تأييد مراجع طهران، والدعوة إلى ولاية الفقيه.
ووجه عزان انتقادات شديدة للانقلاب الذي قام به الحوثيون على الحكومة الشرعية، مؤكدا أن آثاره السالبة ستنعكس عليهم مستقبلا. في هذه الحلقة، يشخّص عزان الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها جماعة الحوثيين الانقلابية، سواء على المستوى الفكري أو الميداني، وأشار إلى أن الجماعة الانقلابية لا تفكر سوى في الوصول إلى الحكم، وإن كانت تتذرع بأن هدفها من ذلك هو تطبيق ولاية الفقيه.
التمسك بأدبيات إيران
ماذا عن تمسك الحوثيين بفكرة الولي الفقيه؟
من الضرورة ذكر أن حركة الحوثي تقوم على أساس فكرة القائد القدوة، الذي يرون أنه يحظى بتأييد سماوي وتسديد إلهي، وبالتالي فالأمر والقرار بيده، وطاعة الأتباع المطلقة لا تكون إلا له، وما تشهد الحركة من تطور في تشكيل بعض المجالس والهيئات، إنما تأتي في إطار إدارة وتنفيذ القرارات المتخذة من القائد القدوة. وفي هذه المسألة بالذات، أكثر الحوثي المؤسس الكلام حولها، وربطها ببعض النصوص الدينية، وحتى القصص والأمثال الشعبية، وورثها عنه الأتباع، لذلك لا تجد صوتا يعلو فوق صوت القائد، وإن كان أكثر علما وحكمة وتجربة. وهذا السلوك بقدر ما فيه من سيئات، وما يبدو عليه من جفاء روح الاستبداد، فإنه يُمكّن من ضبط إيقاع الحركة من جهة، وينظم عملية تحوُّلها والتأثير عليها من جهة أخرى.
التخطيط لاستلام السلطة
الحوثيون يكررون عبارات فارسية تتحدث عن تطهيرهم مكة المكرمة؟
بعض الجهلة يرددون ذلك، وأنه يأتي في سياق الإعلام الحربي فقط، فها هم الحوثيون جلسوا مع المملكة على طاولة الحوار، ومستعدون لتوقيع اتفاقيات تنهي هذا الكلام غير المسؤول.
ألا توافق على أن هدف الحوثيين الوصول إلى السلطة؟
بالتأكيد نعم، وهم لم ينكروا ذلك، ولكنهم يحدثون أتباعهم أن السلطة بالنسبة إليهم ليست هدفا في ذاتها، ولكنها وسيلة لتحقيق غاية أخرى، هي ولاية أهل البيت كما تظهر أدبياتهم وتنص عليه ملازم حسين الحوثي.
ونحن لا نرى في ذلك بأسا، فمن حق كل إنسان أن يدعو إلى ما يريد، وللناس أن يقبلوا أو لا يقبلوا، وإنما الخطأ في فرض أي خيار سياسي أو فكري على الناس، بقوة الغلبة والسلاح أو التدليس.
شعارات سياسية
شعار الحوثيين "الموت لأميركا والموت لإسرائيل واللعنة على اليهود" كشفت أن هناك خفايا خلف ذلك الشعار نريد معرفتها؟
لا أعرف من تلك الخفايا سوى أنه شعار جاء في ظل ظروف كانت المنطقة تعيشها عام 2002، وأراد حسين الحوثي أن يستقطب الشباب تحت شعار جامع، خصوصا شباب منتدى الشباب المؤمن، الذين مضوا في دراستهم ولم يلتفتوا إلى ما كان يُسمى "جماعة الشعار".
هل الصرخة من أساس تنظيم الشباب المؤمن؟
لا، ليست من أيام الشباب المؤمن، ونحن لا نرى أنها صحيحة لا في لفظها ولا معناها، وإنها مجرد شعار سياسي يضاهي ما يردده الإيرانيون منذ زمن، وسيتحول إلى عبء على الحوثيين أنفسهم.
غايات المشروع الحوثي
ما أبرز الغايات التي يرمي إليها مشروع الحوثي؟
استنادا إلى دروس وتوجيهات حسين الحوثي التي كان يلقيها على أتباعه، فإنه يمكن إجمال أهم معالم المنطلقات الفكرية للحركة في عنوانين أو مسارين:
الأول: أنه يرى فكرة "ولاية أهل البيت" خيارا وحيدا لا تستقيم الحياة بدونه، ولا تتحقق النجاة بسواه؛ ابتداء من التأكيد على ولاية الإمام علي، مرورا بولاية أبنائه، وانتهاء بموالاة من سار على نهجهم اليوم، في إشارة فسّرها أتباعُه على أنه المراد بها. وهذا مما صرح به في ملزمته عن "حديث الولاية".
والثاني: أن بلغت به الحال في دعوى التفرد بالحق، إلى أنه كان يقول "نحن أهل الحق، ونحن مَن بين أيدينا مبادئ الإسلام وقيمه بشكل نقي، لم نتعرض في تاريخنا إلى أن نحمل عقائد باطلة ندين لله بها".
وهذا مذكور في ملزمة له بعنوان "دروس من هدي القرآن، سورة المائدة، الدرس الثالث"، وفي ملزمة "مسؤولية أهل البيت"، قال: "هم "أميركا وإسرائيل" يعرفون أن أخطر الأمة عليهم هم آل محمد، وشيعتهم، وأنه لم ينتصر عليهم إلا آل محمد وشيعتهم... مع أهل الكتاب، لا تُنصر الأمة إلا بتولي علي بن أبي طالب، ولن تنتصر الأمة إلا تحت قيادة أبناء محمد وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهم".
وأضاف "فالشيعة وخاصة الزيدية هم فعلا من يكونون جديرين بأن يكونوا هم حزب الله الغالبون، إن وثقوا بالله وعززوا ولاءهم لله تعالى ولرسوله وللإمام علي"
الدعوة لاحتكار الحق
ما الذي ترمي إليه هذه الكلمات؟
من الواضح أن هذا المسار يجمع بين أمرين، أحدهما: الغرض المذهبي، المتمثل في دعوى احتكار الحق وحصره في مرجعية معينة، لا بد لطالب النجاة من الرجوع إليها.
وثانيهما: خدمة الطموح السياسي، لأن معنى الولاية في نظره لا تعني الموالاة والتّولي، ولكنها بمعنى ملك التصرف وحق إدارة شأن الحياة.
وكثيرا ما يتحدث الحوثي عن هذا الجانب ويؤكد عليه، حتى أفرد له سلسلة دروس، جمعها أتباعه في ملزمة بعنوان "الولاية".
وتولد عن هذا المسار التوجه نحو مفاصلة المخالفين لخط الولاية، والتشكيك في مرجعياتهم وانتقادها، وتحميلها مسؤولية تدهور حال الأمة.
وفي هذا الاتجاه، هاجم حسين الحوثي ما يُسميهم "السُّنيَّة"، الذين هم في نظره أتباع أبي بكر، وقال "أبو بكر رجع منهزما في خيبر، وعمر رجع منهزما، فليفهم أولياؤهم أنهم سيظلون منهزمين أمام اليهود". هكذا يقول، ويضيف "ومن الحماقة أن نرتبط بهم، أو نفكر أن بالإمكان أن نتوحد معهم".
عناصر الاتفاق والخلاف
ما أوجه اتفاق واختلاف الحوثيين مع الزيدية والجعفرية؟
نتيجة العلاقة السياسية مع الإيرانيين، يتحدث بعض الكُتاب والمحللين عن أن جماعة الحوثي خرجت عن المذهب الزيدي واتجهت نحو المذهب الإمامي الجعفري، وهذا غير دقيق؛ لأنهم يختلفون مع الإمامية الإثني عشرية في أهم ركائز مذهبهم في المجال الديني والسياسي، وإن جمعهم عنوان التشيع، ومن ذلك: أنهم ينكرون أن يكون النبي -صلى الله عليه وآله- نصّ على اثني عشر إماما بأعيانهم، وأسمائهم.
كما لا يؤمنون بأن أحدا من الأئمة معصوم كالنبي، بل جميع أبناء الحسنين، والعلماء منهم محل قدوة، وليست أقوال أفرادهم حجة على أحد، بل يؤخذ من أقوالهم ويرد، ولا يلتفت إلى شيء منها إلا ما دل عليه دليل شرعي معتمد.
وكذلك يؤمنون بإمامة الإمام زيد بن علي والعشرات من الأئمة الذين لا يؤمن الإثني عشرية بإمامتهم، ولا يرون حتى أنهم من أهل البيت الذين يُقتدى بهم.
ولا يعتقدون صحة القول بأن المهدي المنتظر قد ولد، وأنه غائب في سرداب أو غيره، وإن كانوا يرون أن ثمة أخبار عن ظهوره في زمن ما. وأخيرا لا يرون أن الأئمة مختصون بفهم القرآن والسنّة، أو أن لهم حقا في تشريع ما لم يُشرع، أو تفسير النصوص بخلاف ظاهرها.