في ليلة الانقلاب التركي الفاشل دارت حرب ضروس في صفحات العرب في مواقع التواصل ما بين فريق يقف مع إردوغان وفريق آخر ضد إردوغان، بينما كان الأتراك كلهم بلا استثناء يحملون علم بلادهم ولا تسمع اسم إردوغان بل الله والله أكبر وتعال يا أخي لنعيد الديموقراطية.
شيخ كبير في السن جلس في ساحة تقسيم يبكي الديموقراطية ويرجو العسكر الرحيل ورغم بكائه وقلة حاله التي ربما دلت على بساطة التعليم لم يفتح فمه بكلمة إردوغان.
الشعب التركي التف حول الديموقراطية، لا الأشخاص لذا جعل الوطن أولاً وكل خلاف يأتي لاحقاً فخرجت المعارضة والأكراد والعلمانيون والإسلاميون.
إن البشر يخطئون ويتلونون، لكن المبادئ القوية تستحق المساندة وما دام الرجل جاء عبر الأغلبية فسيبقى حتى انتخابات أخرى يبقى أو يرحل.
في الواقع علينا أن نعترف أن الأتراك أمضوا زمناً طويلا يبنون مبادئهم والمؤسسات التي تحمي هذه المبادئ جعلت من خرجوا تلك الليلة خرجوا نصرة لما يثقون فيه ويعرفون قدرته على حمايتهم وهي مؤسسات الديموقراطية، لذا حتى من كان يرفض إردوغان لديه ثقة أن المؤسسات ستسمح له بممارسة حقه في النقد الذي يمنحه فرصة نجحت أو فشلت في تغيير رأي الناخبين فلا ينتخبوا إردوغان مرة أخرى لذا هو ليس بحاجة لعسكري أو غيره.
ما سبق لم يدركه من حاول صنع الفوضى في تركيا فمن تجربته في العالم العربي ظن أنه سينجح لأن كل ما يحتاج إليه هو إسقاط رجل كما فعل في مصر والعراق لكن تركيا ليست العالم العربي.
المواطن العربي ليست لديه مؤسسات يثق بها، بل فقط رجال يقودون تلك البلدان بالشدة والقسوة وبعض الأحلام الوردية، لذا يعني إسقاطهم إسقاط بلد كامل فسقطت العراق بسقوط صدام.. إلخ.
الغريب أن الإسلام في أهم مبادئه حذر من الالتفاف على الرجال ودعا للالتفاف على المبدأ، فحرم حتى وجود رجال دين ومع ذلك لم تستفد الحكومات من ذلك وتبني نظامها وتعليمها عليه وظل العربي مليئا بكائنات عاطفية تعيش على كلمات الرجال وقدراتهم تقوى بهم وتضعف منهم.