زيد سفوك
بعد فشل مجلس الأمن الدولي في إصدار قرار حاسم ينهي الصراع في سورية بجلساته المتكررة التي استخدمت فيها روسيا والصين حق النقض (الفيتو) لصالح بشار الأسد ضد الشعب السوري، بات من الواضح أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تغييرات جذرية وتوافقات جديدة وفق المصالح الدولية، أو بالأحرى وفق المصالح الأميركية الروسية في المنطقة وبرعاية يهودية من خلف الستار لتأمين واستقرار أمن إسرائيل، فخارطة الشرق الأوسط الجديد التي لطالما تحدث عنها الأميركيون تتوضح معالمها بأن موسكو شريكة أساسية معها، فبعد غزو النظام العراقي للكويت عام 1990، عزز الأميركيون من وجودهم في الخليج بعد ذلك الاجتياح، بذريعة حمايته من بطش النظام العراقي السابق، وأظهرت للعالم أنها تبني قواعد عسكرية للحفاظ على أمنها أيضا في حال نشوب حرب بينها وبين موسكو، واستطاعت زرع هذا الهاجس في نفوس شعوب المنطقة بأن الشيوعية ستغزو العالم وأولهم العالم الإسلامي، "رغم سقوط الشيوعية بقيت روسيا القوة نفسها"، فما زالت موسكو تفرض قراراتها بقوة على غالبية جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا، وتدخلت بقوة في الملف السوري دون ردع من أميركا. الدولتان القويتان القادرتان على بسط القوة على الأرض "أميركا – روسيا" المرجع الأساسي لهما هو رأس المال النقدي اليهودي الذي هو بمثابة العمود الفقري لاقتصادهما وبقائهما، فغالبية مصانع الأسلحة وكبرى الشركات العالمية تعود ملكيتها لليهود، والاقتصاد هو سيد السياسة وصانعها، وكان هذا هو السلاح الوحيد للوقوف في وجه الاتحاد الأوروبي وتمدده في السيطرة على العالم الغربي والشرقي، والمحرقة ضد اليهود من 1941 حتى 1945 كانت من أكبر المجازر الجماعية في التاريخ على يد النازيين وكانت بداية الشرارة لتغيير سياسة اليهود وتحكمهم في العالم أجمع، فقد انتهى دور مجلس الأمن الدولي حين قامت أميركا وبريطانيا منفردتين باحتلال العراق، وبعد سقوط نظام البعث في العراق سلم الأميركان مفاتيحه للحرس الثوري الإيراني، لخلق الصراعات والحروب وإثارة الصراع الطائفي، وكان هذا بحد ذاته الشرعية "المزعومة" للخارطة الجديدة التي ستصنع السلام والأمان للمنطقة، وبات الدور على منظمة الأمم المتحدة وتقليص مهامها أيضا، وتسليم رئاستها لكوريا الجنوبية ما هو إلا رسالة واضحة بأنها أصبحت خارجة عن دائرة القرار السياسي، وبات معروفا بأن الأمم المتحدة كانت مؤسسة وهمية مهمتها الحفاظ على حقوق الإنسان في الغرب، وليس الشرق، وإطالة الأزمات عبر الدبلوماسية، حتى انتقلت تلك العدوى إلى الجامعة العربية وتعطيلها، وباتت المنطقة رهينة قرارات الأميركيين والروس وأصبحا البديلين عن جميع المؤسسات الدولية والإقليمية لتصبح شعوب المنطقة في بركان مصالحهما الإستراتيجية إلى ما لا نهاية.