ثمة أقليات دينية ومذهبية وعرقية وقومية في المجتمع التركي منها: العلويون واليهود واليونانيون والأرمن والسريان والكلدان والأكراد والعرب واللاز والشركس والكرج. وأقليات عرقية دينية كالألبان والروس والألمان والأستونيين. ومجموعات عرقية كالأوزبك والقرغيز والتتار والأيغور والأذريون وغيرهم.

وتُقرَن صفةُ  "علوي" بتسمية بات يعتبرها معظم العلويين اليوم بمثابة شتيمة، وهي: "كيزيلباش"، أي: "الرؤوس الحمر". ويشير هذا النعت ـ دون أن يعني ذلك مَن يستخدمونه اليوم ـ إلى ثورات الشاه إسماعيل، وقد أدَّت هزيمة هذا الأخير في معركة تشالديران عام (1514) إلى تعرّض العلويين الذين اعتمروا العمامات الحمر ذات الاثنتي عشرة لفة ـ تيمناً بالأئمة الاثني عشر ـ لأول مذبحة في تاريخهم على أيدي العثمانيين.

وهناك أصنافٌ متعددة لعلويي تركيا، فمنهم الشيعي الاثنا عشري الصرف، ومنهم العلوي النصيري (الخصيبي)، ومنهم البكتاشيون. ويقترب بعضهم من شيعة إيران، ويمتد بعضهم الآخر ليتَّحد مع العلويين في سورية؛ أما الأغلبية الباقية فهي التي يُطلَق عليها "علوية الأناضول".

ويتوزع العلويون في تركيا على ثلاثة أنواع: العرب والأكراد والأتراك. ويطلق على العلويين العرب اسم: "النصيريون". يتواجد معظمهم في لواء إسكندرون أو إقليم هاتاي - حسب التسمية التركية - فيما يتواجد آخرون في أضنة ومرسين، إضافة إلى إسطنبول وأنقرة. ولغتهم الأم العربية. ويقدر عدد العلويين الأكراد بنحو 4 ملايين نسمة يتواجدون في محافظات وسط وجنوب شرق الأناضول، ولاسيما في بينغول وتونجيلي وسيواس وبوزغات وغيرها. ويتكلم العلويون الأكراد اللغة الكردية كما يتكلم قسم منهم الزازانية. أما العلويون الأتراك فيقدر عددهم بنحو 18 مليون نسمة.

ويتواجد العلويون الأتراك في منطقة الأناضول الداخلي وفي غربه، مع تواجد قليل منهم على البحر الأسود. أما المحافظات التي يتواجدون فيها بكثافة فهي: سيواس، طوقات، يوزغات، نيفشهر، تشوروم، أماسيا، فهرمان ماراش وأورزخان. كما يوجد علويون تركمان في مناطق قارص، سيواس، يوزغلت، ومغلا.

ومنذ عام 1927، أطلق العلويون الأكراد عدة "انتفاضات"، كان أهمها تمرد سنة 1947، جردت الدولة خلالها حملة عسكرية واسعة لإخمادها واعتقال قادتها. وانخرطوا منذ خمسينيات القرن العشرين في صفوف الأحزاب السياسية القائمة، وكانوا يؤلفون دائماً ما بين 16 ـ 18% من عدد نواب البرلمان القائمة خلال 1950ـ 1980. ففي الفترة الواقعة ما بين 1950ـ 1957 دعموا الحزب الديمقراطي بزعامة عدنان مندريس، إلاّ أنه بعد ظهور التوجهات ذات الطابع الديني لذلك الحزب، نظر العلويون ببرود إلى ذلك التطور، واتجهوا إلى تأييد عصمت اينونو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، على الرغم من قتل المئات منهم في منطقة مرعش، أثناء تولي بولند أجاويد زعيم حزب الشعب الجمهوري في السبعينيات رئاسة حكومة ائتلافية.

ومع انقلاب الجنرال كنعان ايفرين سنة 1980 وإلغائه الدستور والبرلمان والأحزاب، دخل العلويون مرحلة جديدة، حيث تم وضع دستور جديد سنة 1982 نص على تدريس مادة الدين في كافة المراحل الدراسية، والتوسع في فتح مدارس الأئمة والخطباء دون الالتفات إلى مطالب العلويين أو السماح لهم بإنشاء "بيوت الجمع" على غرار المساجد السنية.

وفي انتخابات نوفمبر 2002 التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب إردوغان فوزاً ساحقاً، طرح العلويون المطالب التالية على الأحزاب السياسية ـ عدا حزب العدالة ـ هي: تمثيلهم في الهيئة الإدارية لرئاسة الشؤون الدينية بحسب نسبتهم من عدد السكان. وتخصيص مبالغ معينة من ميزانية الدولة لمساعدة مؤسسة بيوت الجمع أسوة بمساعدتها لإنشاء المساجد. وإقرار الدستور قيام المدارس بتدريس نوعين من الدروس الدينية: درس الدين والأخلاق الإلزامي، ودرس الدين الاختياري، وطالبوا بإدخال مبادئ عقيدتهم إلى درس الدين الإجباري أسوة بالمذهب السني. وتخصيص وقت محدد ضمن البرامج الدينية المذاعة في هيئة الإذاعة التركية TRT لنشر الأفكار العلوية.

والانفتاح الإردوغاني على الشيعة والعلويين اتخذ أشكالا مختلفة، ورغم ذلك تلقى الرئيس رجب طيب إردوغان عندما كان يشغل منصب رئاسة الحكومة رسالة شديدة اللهجة من الاتحاد العلوي البكتاشي يتهمه فيها بالتحريض على الكراهية بين أتباع المعتقدات، وبممارسة السياسة باستخدام النزعة الإثنية والمذهبية.

ووفق المعطيات المتوافرة لا ترتقي المسألة العلوية في تركيا إلى منزلة قضية الزنوج في الولايات المتحدة الأميركية، أو إلى منزلة قضية أقلية قومية أو دينية مضطهدة تتطلب حلاً انفصالياً سياسياً. بل هي قضية قابلة للحل في إطار قيم المواطنة في الجمهورية التركية ودستورها الجديد المُنتظر أن يوسع هامش مشاركة كافة مكونات المجتمع في صناعة القرار. وإن مغالاة بعض ممثلي العلويين الأتراك في تسييس هذه القضية لن يجعلها كعب أخيل أو عامل تقويض للسياسات التركية الداخلية والخارجية الراهنة والمستقبلية.

قضية قابلة للحل في إطار قيم المواطنة في الجمهورية التركية ودستورها الجديد المُنتظر أن يوسع هامش مشاركة كافة مكونات المجتمع في صناعة القرار.