كتب الله لي زيارة أحدث التقنيات الحديثة في ترجمة اللغات خلال شهر رمضان المنصرم، تقبل الله طاعتكم فيه، وعرفت كيف أن التقنية تخدم كتاب الله وكيف تترجم عبارة "نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح"، هذا الأمر الذي قمت بزيارته أمر يرفع رأس كل داعية وكل مسلم على وجه الأرض.

إنه مشروع القرآن هداية الشبكة العالمية للقرآن باللغات، الذي أبدع في هندسته وإخراجه على الهواء إلى 40 لغة عالميه على 7 أقمار صناعية الدكتور الشاب فهد الشميمري، ذلك الرجل الذي أتقن فن أساليب الدعوة دون الحاجة إلى دخول المنابر والوعظ ليصل صوت القرآن إلى الدنيا كلها وبلغات تلك البلدان، هذا المشروع الذي عاش معه وفي فكره حتى رأيته فعلا بحق يستحق الإشادة، إنه أسلوب دعوي من نوع آخر باستخدام التقنية بعيدا عن المنابر والمحافل، ولكنه يصل إلى أصقاع الدنيا كلها، ليكون وقفا يدر خيره على العالمين، وثوابه وأجره إلى يوم القيامة مصداقا للحديث الشريف "...أو علم ينتفع به". ولا شك أن هذه التقنية التي سخرت بالتعاون مع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة تعني أن لا عذر بعد اليوم لكائن من الخلق بأنه لم تبلغه الرسالة القرآنية. شاهدت في هذا المشروع معرضا قرآنيا متنقلا تمنيت أن يكون بجوار المسجد الحرام أو المسجد النبوي الشريف ليحظى بمشاهدة وريادة عالية من قبل أبناء المسلمين في العالم، الذين يصلون للحج أو العمرة، ثم يعودون إلى بلدانهم سفراء للقرآن ولأهل هذه الديار الطاهرة التي حملت لواء حفظ القرآن بإنتاجه من جديد وتوزيعه على أبناء المسلمين شرقا وغربا، وكم سعد العالم الإسلامي عندما بدأ مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة بإصدار الطباعة الأنيقة من المصحف الشريف حتى وصل إلى ما يقرب من 300 مليون نسخة حتى الآن، وصلت إلى أقاصي الدنيا، قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار، وثوابه مستمر لا ينقطع، ثم رأينا بعد المسابقات القرآنية ومدارس تحفيظ القرآن وإذاعات البث الخاصة بالقرآن صوتا وصورة، كل هذا مما يسر المسلم ويفخر به.

أما اليوم فقد جاء اهتمام آخر ومن نوع متميز بنقل صوت القرآن مترجما إلى الدنيا وما وراء البحار عبر الأقمار الصناعية باهتمام من هذه الدولة وأبنائها، من خلال رجال الأعمال الذين سخروا أموالها لنقل الكلمة الصادقة -كتاب الله- إلى كل مسلم في أرجاء العالم، عبر شبكة القرآن الكريم الدولية، وبلغات تتجاوز (40 لغة)، مع ترجمه صوتية تحاكي نقل الآيات بأصوات مشاهير القراء في العالم. وهنا تذكرت قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "والله ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو ذل ذليل حتى لا يبقي بيت مدر ولا وبر إلا وبلغه". إنها معجزة النبوة عندما يرى المسلم هذا التقدم التقني بنقل هذا القرآن وبهذه الطريقة الرائدة في هذا المشروع العظيم، الذي نبعت فكرته من إخلاص الدكتور فهد وإخوانه ودعم وتشجيع وزارة الشؤون الإسلامية ومجمع الملك فهد، واهتمام هذه الدولة وقيادتها بهذا الأسلوب الدعوي المتميز الذي تفنن فيه المخلصون جزاهم الله خير الجزاء. "فما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين".

ختاما لقد سرني ما رأيت من عمل لافت للنظر يسعد كل مسلم، ونتطلع أن يكون هذا الاهتمام معرضا متنقلا لتعريف زوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي على هذا المنجز الكبير بأسلوبه وعطائه، كيف وأنت ترى القرآن الكريم عبر الأقمار الصناعية وفي قارات العالم يسمع صوتا ويترجم مع الصورة التي تبشر بدين الرحمة والوسطية والاعتدال. إنه دين التسامح إذ إن آياته كافة تشتمل على كل ما يصلح شأن الإنسان في هذه الحياة، وجزى الله القائمين على هذا المشروع المبارك خيرا وأخلف عليهم ما أنفقوا، وصدق رسول الله إذ يقول: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم".