كنت أقول دائما، إن أكبر مشكلة تواجه مثقفينا الكبار، ورموزنا الثقافية والفكرية، أنهم في فترة ما قبل "تويتر"، كانوا في حالة انفصال ثقافي عن المجتمع، وأن الصورة النمطية للمثقف السعودي، لا تتجاوز صورة شخص مُنظّر ومتعال، ينظر إلى المجتمع من فوق، ويحشر نفسه في غرفة تأليفية وكتابية، يكتب فيها عن هموم المجتمع وثقافته، وهو الذي لا يعرفه المجتمع، إلا من خلال كتابات ومؤلفات قد لا يفهمها ذلك المجتمع، ولا يشعر بها.

"تويتر" أحدث انقلابا في علاقة المثقف السعودي مع مجتمعه، فالمثقف الذي كان يُنظّر على دماغ المجتمع من غرفة منعزلة، أصبح الآن يطل من حسابه الشخصي على الناس، مثقفهم وغير مثقفهم، ولم يعد بالإمكان لذلك المثقف أن يصف الناس بالعامة، إذ إن وعي المجتمع القرائي والكتابي والنقاشي تغير.

المثقف السعودي التويتري الآن، وجها لوجه مع المجتمع، يناقشه ويحاوره، ويغضبه ويمتدحه ويسيء إليه، دون حواجز أو قيود، فالكل في "تويتر" سواسية كأسنان المشط التويتري الأزرق، والمسافة الفاصلة بين الطبقتين = صفرا.

صحيح أن أرقام "الفلورز" المتابعين للمثقف السعودي الرمز ليست عالية مقارنة بأقل الفنانين واللاعبين شهرة، إلا أن من حسنات "تويتر"، أنه سحب المثقف الفوقي إلى أسفل.

أعجبني اندماج رموز فكرية كبيرة مثل: تركي الحمد، وعبدالله الغذامي، وسلمان العودة، وعبده خال، وغيرهم من المثقفين، في مختلف مجالاتهم الكتابية الفكرية في فضاء "تويتر"، بحميمية ألغت وجه المثقف المتجهم والمتعالي والمتواري خلف جدار كبير من العزلة المجتمعية.

"تويتر" يقول دون أن يقول: أيها المثقف انزل للناس.