شخص المتحدثون في ندوة سوق عكاظ التي أدارها سعيد السريحي عن "الهوية الثقافية في العالم الرقمي" التحديات الكبرى المعاصرة التي تهدد الهوية الشخصية والانتماءات التقليدية الاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمعات، وشهدت الندوة جدلا واسعا في تعريف الهوية الثقافية التي جاءت على لسان متداخلي الندوة بعد أن تحدث ضيوف الندوة الأربعة عن الهوية الثقافية من منظورهم الخاص، وكان لافتا في الأوراق المقدمة استشهاد أحد المتحدثين بمسلسل "حارة الشيخ" الذي أثار جدلا كبيرا في شهر رمضان المنصرم.

ورأى رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع في ورقته خلال الندوة، أن أهم  التحديات المعاصرة التي تهدد الهوية هي تحديات العالم الرقمي وأدواته المختلفة أو ما يعرف بالإعلام الجديد أو شبكات التواصل الاجتماعية الحديثة (الرقمية) التي تشترك في مبدأي التفاعلية وصنع فضاء افتراضي مواز للواقع الحقيقي له سلطته التي يفرضها على مستخدميه وشروطه المختلفة التي تشرط عملية التواصل فيه، حيث يغيب عن مستخدم هذه الوسائل  الكثير من محددات الهوية دفعة واحدة، كالجغرافيا والزمنية والحدود القومية والسياسية بالمعنى الذي عرفته المجتمعات على امتداد تجربتها التاريخية، كما يغيب الرقيب الخارجي الذي يدعم الذات في خصوصيتها، ويسهم في إعادة إنتاجها لمكوناتها، وعلى الرغم من كونه فضاء افتراضيا إلا أن له حضوره وأثره في الواقع الحقيقي الذي نحيا فيه.         



 الفن والصراع الوهمي 

استعرض المشارك الآخر في الندوة الدكتور خالد الغازي علاقة "الهوية الثقافية بالثورات الصناعية والرقمية" حيث قال "أصبح العالم الرقمي عالما متفلتا لا ضابط فيه وبدون قيود تذكر، حيث إن هناك انفتاحا غير مسبوق يحتاج الفرد فيه إلى المعرفة"، وأضاف "هناك 3 مرتكزات للهوية الثقافية هي المساءلة والتقويم، والتعزيز والثقة، والانفتاح والتحليق". واختتم مشاركته بقوله إن من الطبيعة الملازمة لكل ثقافة الترويج لها، والمهم هو صراع الإيرادات حيث تبقى محكومة بالنزاهة والبقاء سوف يكون للأقوى.

بدوره، جعل الدكتور خالد الغامدي مسلسل "حارة الشيخ" الذي عرض في بعض القنوات الفضائية مثلا في حديثه عن مفهوم الهوية وتوصيف ثنائيات التنازع في الهوية. وقال "رؤيتان في الهوية وهي الرؤية الجوهرية التي تشرح الهوية من منطلق الثوابت، والرؤية النسبية وهي قائمة على الفلسفة وتركز على القيم الخلافية". وأضاف "الصراع بين الطرفين في المسلسل هو على أنماط ثقافية وليس على هوية، وكلا الطرفين هويتهم واحدة لا خلاف بينهم إنما الخلاف في الأنماط وهذا متاح، ولكن النظرة الشكلية التراثية التي تنظر إلى شكل التراث فقط قد تغفل المقاصد الحقيقية مع الزمن وتظن أن هذه الأنماط هي الهوية الحقيقية بالتالي تتصارع عليها وصراعهم يمثل صراعا وهميا".       



 مشكلة ثقافية

ركز الأديب صالح سالم في ورقته على (هوية المثقف في مواقع التواصل الاجتماعي) وقال سالم "حاولت أن أدرس الهوية في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ركز البحث على ما سميته (صراع الثقافة) وليس (صراع الثقافات)، واستلهمت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي المدى الذي تُصارع الثقافة فيه نفسها بالاعتماد على المثقف. وقال سالم "صراع الثقافة عند المثقف العربي عموما والمثقف في السعودية على الخصوص، صراع ينبئ عن محاولة الانشغال بالثقافة ذاتها، وتغييرها من داخلها عبر صراع الثقافة لا صراع الثقافات، ولعله من الجلي لنا أن نلمس ثبات هوية المثقف في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال العديد من محددات الهوية كاللغة واللباس، وإن كانت الهوية قد طالها السيلان من خلال العالم الرقمي والتقني إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي - في نظري - قد عمقت هذه الهوية الذاتية لدى المثقف ومنحتها الفرصة العظمى لنشر هويته وإظهارها".